عازف الكمان العالمى ريو جوتو يروى أسرار مشواره الفنى لـ«عين»

ريو جوتو ريو جوتو
 
حوار نورهان مجدي – تصوير حسن محمد

أثبت عازف الكمان الأمريكى اليابانى "ريو جوتو" نفسه كموهبة استثنائية بين الفنانين الشباب منذ سن صغيرة، حيث كان فى السابعة من عمره عندما استقرت ذقنه على الكمان للمرة الأولى أمام الجمهور فى اليابان وفاجئ الجميع بأداء مبهر.

حظى "جوتو" بتقدير عالمى لموهبته المميزة، والتى أتت به إلى مصر هذا العام للمرة الثانية، فى الذكرى الثلاثين لدار الأوبرا المصرية.

تحدث جوتو، وهو ولد لأسرة موسيقية، فى حوار مع موقع "عين" عن مسار حياته المهنية وعن إيمانه بالأصالة فى صناعة الفن الراقى.

إلى نص الحوار..

بدأت العزف على آلة الكمان فى سن الـ3 سنوات، لماذا اخترت هذه الآلة بالتحديد؟

لم أختر آلة الكمان، بل يمكن القول بأنها اختارتنى نوعًا ما، فكانت أسرتى بأكملها تعزف آلة الكمان، ولم أتخذها فى البداية كمهنة. كنت فى السابعة من عمرى عندما عزفت للمرة الأولى بحفلة موسيقية فى الجزء الشمالى من اليابان، وأتذكر حينها أن الجمهور أحب أدائى خاصًة أنه لم يكن من المعتاد للأطفال حينئذ أن يؤدوا فى مثل تلك الحفلات الكبيرة.

ريو جوتو (2)

أطلق عليك الجمهور لقب "الطفل المعجزة" لما حققته من نجاح كبير فى العزف فى سن صغيرة، كيف أثر ذلك على مسارك الفنى؟

لا يمكن أن أنكر أن اللقب قد منحنى الكثير والكثير من الفرص، وأننى ممتن جدًا لذلك. ولكنه قد أخذ فى المقابل حريتى فى الحصول على حياة طبيعية، وبقيت لفترة طويلة غير قادر على اتخاذ قرار بشأن مستقبلى بسبب دفع الكثيرين لى فى اتجاه محدد لإيمانهم بموهبتي. ولكننى بعد أن دخلت الجامعة بدأت أزن الأمور بشكل جيد، واستطعت تعريف نفسى بالشكل الذى أرغب به.

 

حدثنا عن مشوارك فى الفنى وكيف أصبحت عازفًا محترفًا؟

لم يكن سهلًا، وعلمت بصعوبته بمجرد أن خطوت الخطوات الأولى، ولدى أسرة تدفعنى إلى الأمام حتى وصلت لما أنا عليه الآن. أعتبر نفسى محظوظًا لأنى لم أكن أتولى القيام بالجانب الإدارى لعملى ولكن ركزت فقط على الجانب المهني، خاصًة وأنا طفل، بينما والدتى كانت تدير تلك الأمور التى لا تتعلق بالموسيقى لأجلي، وكان ذلك يسيرًا عليها حيث أنها مرت بتلك الأمور مع شقيقتى التى تكبرنى بـ17 عامًا، ولديها باع كبير فى الموسيقى وتسبقنى بالخبرات، لذلك تجربتى بالموسيقى كانت أسهل

 

أنت تدين بالفضل لوالدتك لنجاحك أنت وشقيقتك كموسيقيين، حدثنا عن دورها فى حياتكما المهنية..

كانت والدتى هى مدربتي، ولا تزال كذلك حتى الآن. لقد تعلمت الكثير خلال السنوات الماضية، حيث أنها عازفة كمان أيضًا، ولديها من الخبرات والتجارب الكبيرة التى ساعدتها فى إدارة أمورنا الفنية. فهى بالنسبة لى مثل المكتبة لما تمتلكه من كم كبير من المعلومات التى لا ينافسها فيها أحد.

ريو جوتو (1)

هل جاء اختيارك للموسيقى بعد تفكير طويل خاصًة وأن لديك خلفيات أخرى غير موسيقية مثل الفيزياء التى درستها بجامعة هارفرد؟ 

لم يكن اختيارى للتخصص فى الموسيقى مانعًا لأن أنفتح على مجالات أخرى أحبها مثل العلوم والرياضة، فأنا أهتم بفهم العالم من خلال الأسباب العلمية المنطقية، لذلك دراسة الفيزياء كانت مناسبة تمامًا لي. ولأننى عملت بمجال الموسيقى لمدة 15 عامًا، فكرت فى أن تكون درجة البكالوريوس فى مجال آخر خاصًة وأن الدراسة فى أمريكا باهظة الثمن تصل إلى 40 ألف دولار فى العام الواحد.

 

وماذا عن شغفك بالرياضة، خاصًة وأنك حاصل على الحزام الأسود فى الكاراتيه؟ 

كان جدى بارعًا فى الكاراتيه فى اليابان، وأمضيت وقتًا طويلًا معه قبل وفاته، وقد ألهمنى شغفه بالكاراتيه، حتى أصبحت الآن أحب هذه الرياضة وأتابع المباريات وأشارك بها، وأستطيع أن أقول أن الاتحاد المصرى للكاراتيه من أقوى الفرق الموجودة.

 

يواجه الأشخاص متعددو المواهب بعض الحيرة فى التخصص، فهل تؤمن فى تنمية المواهب المختلفة أم التخصص فيما يتعلق بالصعيد المهنى؟

أعتقد أننا نخشى من تجربة الأشياء خوفًا من الفشل ويزداد ذلك الشعور لدينا كلما كبرنا بالعمر، فنبدأ تقديم الكثير من الأعذار لحماية أنفسنا وكبريائنا، على الرغم من أن ممارسة الأشياء التى نحبها ولو لنصف ساعة يوميًا من الممكن أن تثرى قدراتنا دون المساس بحياتنا العملية. بالنسبة لي، فأعتقد أن كونى أدير شئونى بنفسى أمرًا إيجابيًا، فأن لا أعمل لدى مدير، مما يجعل تنظيم وقتى وعملى مرنًا. وبالنسبة للصعيد المهنى، فأنا أؤمن أن تثقيل المواهب المختلفة هو أمر هام، فلا أحد يعلم من أين تأتى الفرص.

 

لقد ولدت ونشأت فى نيويورك لأسرة يابانية، هل واجهت أى مشاكل تتعلق باختلاف ثقافة الدولتين؟

أنا ولدت فى الولايات المتحدة بعد انتقال عائلتى إلى هناك بثمانى أعوام، ويمكن القول أن أسرتي، تتمسك بالقيم والتقاليد، كما أن والدتى تظهر كامرأة عنيدة، ولكن لا يمكن لأحد ألا يتأثر ويتكيف مع المجتمع الأمريكي، فمن الصعب ارغام الأطفال على التمسك بالتقاليد لأنهم يختلطون بمجتمع منفتح ومتنوعة ثقافاته، خاصًة وأن النظام التعليمى فى الولايات المتحدة مختلف تمامًا عن آسيا، ففى الأولى، يعتمد على الاكتشاف والتجربة، بينما فى الأخيرة، فيعتمد على حفظ المعلومة فقط.

ولأن والدتى عملت مدرسة موسيقى فى احدى المدارس فى أمريكا، فطبيعة الحال تعرضت لنظام التعليم الأمريكى المنفتح، وتكيفت معه، وأعطتنى الكثير من الحرية لأنها تعلم أننى لست من جيلها، كما أننى لم أعش مثلها فى اليابان.

 

هل أدائك أمام جمهور دولى كان له تأثير على مسارك المهنى؟

نعم، منحنى اختلاطى بجمهور من مختلف الجنسيات الأسبقية وقفزة كبيرة فى بدايتى مقارنًة بشباب موهوبين من عمري، كما أننى أدركت أنى لم أعد "الطفل المعجزة" وأننى يجب أن أسوِّق لنفسى بشكل مختلف كشخص ناضج. 

 

فيما يتعلق بالتسويق لموهبتك، ما هو دور مواقع التواصل الاجتماعى فى ذلك؟ 

بالنسبة لى أنا لا أكتب كثيرًا على "السوشيال ميديا"، ولكننى عندما أفعل، أكون نفسى لأن الشهرة عادًة ما تفقد الأشخاص قدرتهم على التوازن فى حياتهم بسبب اقتيادهم إلى اتجاه معين من جانب المتابعين والجمهور، الذين يغردون بأشياء إيجابية فى بعض الأوقات وأخرى سلبية فى كثير من الأوقات.

ريو جوتو (3)

هل تعزف مؤلفاتك الفنية؟

لدى مؤلفات فنية خاصة بي، ولكنى لم أعزف منها بعد، وأكتفى الآن بعزف مقطوعات قديمة لفنانين ومؤلفين.

 

هل تستمع لموسيقى شرقية، وكيف تراها مختلفة عن غيرها؟ 

نعم أستمع لموسيقى شرقية، وأرى اختلاف كبير فى موسيقى دول البحر المتوسط، فتختلف تركيا عن لبنان، ومصر عن السعودية، كما تختلف دول أفريقيا فى موسيقاها عن غيرها من المناطق.

وفى كل مرة أستمع إلى موسيقى فى المطاعم، وسيارات الأجرة، والأفراح فى مصر أتفاعل معها، لأن الموسيقى المصرية إيقاعية، ولدى المصريين حس فنى يمكنهم التفريق بين الأصوات الجميلة والشاذة. فيمكن لأى احد الحكم على صوت المؤذن بمجرد قوله الله أكبر.

 

ما تعليقك على دعوتك لإحياء الذكرى الثلاثين لتأسيس دار الأوبرا المصرية؟

إنه لشرف كبير وأنا سعيد جدًا أن المايسترو أحمد الصعيدى طلب منى القدوم إلى مصر ومشاركتى للأوركسترا القاهرة السيمفوني، وسعيد برد فعل الجمهور وتفاعله معى خلال الحفل. أنا جئت القاهرة للمرة الثانية، فكانت المرة الأولى فى عام 2015، لأننى أريد أن آتى لمصر، وليس لاعتبارات مادية أو حتى مهنية، فالمصريين يتميزون بالطيبة ولديهم القدرة على احتواء الآخرين، وهذه المشاعر ليس من السهل أن تجدها فى اليابان أو الولايات المتحدة.

 

هل من الممكن أن نرى تعاون بينك وبين موسيقيين من الشرق؟

أتمنى تلك الفرصة، خاصًة أننى منفتح على جميع أنواع الموسيقى، وقمت بالعزف من قبل على آلات موسيقية هندية، ولدى شغف بتجربة كل شىء وأى شىء فى الموسيقى.


ريو جوتو (4)
ريو جوتو 

ريو جوتو (5)
ريو 

ريو جوتو (6)
ريو جوتو 

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر