أستاذة جامعية تتحول إلى متشردة في شوارع القاهرة.. انقذوها (فيديو)

استاذه جامعية استاذه جامعية
 
هناء قنديل

10 دقائق فقط، كانت كفيلة بوضعنا في حالة انبهار، وذهول، استمرت يوما كاملا، بل وتلازمنا بقاياها كلما جال بخواطرنا تفاصيل ما سمعناه.

القصة أغرب من الخيال، وتصلح فيلما سينمائيا من طراز رفيع، وبقدر ما فيها من دهشة، بقدر ما تحمل من حزن على مجتمع تحكم الظلم في مفاصله؛ حتى أذهب عقول النابهين من أبنائه.

على بعد خطوات من مسجد الحسين، بذلك الميدان السياحي الشهير، وسط أقدم مناطق مصر على الإطلاق، تجلس فتاة سمراء، لا يلقي لها أي ممن يمتلئ بهم  الميدان بالا، فهي رثة المظهر، ترتدي أثمالا أكل عليها الدهر وشرب.

وأثناء جولة «صوت الأمة»، بالمكان، أثار مظهرها انتباهنا، خاصة أن حالها المتردي، لم يخف سنها الصغير نوعا ما، فاقتربنا منها لنجد أنفسنا أمام مأساة تمشي على قدمين.

حقا لا ندري كيف يمكن أن نبدأ رواية كواليس هذا الفيديو العجيب، لكن لا مفر من ذكر أن البداية كانت حديثا رزينا، ومتزنا، والمفاجأة أنه كان بالإنجليزية الراقية، التي لا يتطرق الشك إلى إتقان المتحدث بها لكل فنونها

«أنا الدكتورة منى عثمان، حاصلة على ماجستير في الكيمياء، ودبلومة في إدارة المستشفيات، والدي يعيش في الخارج، ووالدتي متوفية، ولم أتزوج بعد».. بهذه الكلمات التي بدت كطلقات الرصاص السريعة، لخصت تلك الشريدة التي تعيش على رصيف الحسين، منتظرة لقيمات يسوقها لها أهل الخير، بطاقة التعارف الخاصة بها.

وأضافت بأسلوب راق، ودون أن تنتظر سؤالنا: «أنا بقايا إنسانة يقتلها الجوع ألف مرة يوميا، وأعيش هنا بعدما كرهت الحياة؛ بسبب ما تعرضت له من ظلم، حتى أنه تم اتهامي في قضية دعارة ظلما وعدوانا».

وبعد سلسلة طويلة من الكلمات غير المفهومة، التي تشبه الهذيان استعادت قدراتها العقلية من جديد لتتابع: "طردوني من شغلي، ومن شقتي، ولم أجد أمامي إلا هذا المكان، سريري هذه البطانية، وقوتي مما يوزعه محبو الخير على دراويش المكان، وفي الليل أكتم رعبي من النوم في الشارع بداخلي، حتى لا يتجرأ عليّ من حولي، وأنام مسلمة أمري إلى من خلقني».

إيه اللي حصلك خلاكي في الحالة دي: «كان هذا السؤال، هو مشاركتنا الأولى في الحوار معها، فأجابت: "أنا عندي فلوس كتير في البنك مش عارفة أصرفها، رغم أن معي جميع إثباتات الشخصية الخاصة بي»، وأخرت من حقيبة بحوزتها مجموعة كبيرة من الكارنيهات، وبطاقات العضوية في أماكن عدة، مضيفة: «أنات كنت فتاة جميلة، لكن العيشة هنا ضيعتني، وفي إحدى الليالي، أحرقتني فتاة تعمل في الدعارة، موجودة هنا بالميدان، لأنني رفضت الحديث معها».

وواصلت: «إذا أردتم معرفة حكايتي، فعليم بالبحث عن اسمي على الإنترنت، وستعرفون حينها كم الظلم الذي تعرضت له، حتى أصبحت متهمة في قضية هتك عرض».

مرة أخرى عادت الدكتورة، إلى الهذيان، بشكل يوحي بأنها تعاني أزمة نفسية حادة جدا؛ تكاد تهدد عقلها، وتقف به على حافة الجنون.

وبعد لحظات عادت من جديد إلى الرزانة، والذكاء المتقد، والنظرة اللامعة القوية، وقالت: «كنت الأول باضيع الانفعالات في الرياضة، ودلوقتي في القرآن، والجامع، ماصحبتش حد هنا، لأنهم مش من الوسط يتاعي، دول ناس شلق»، وانتقلت فجأة ودون مقدمات إلى موضوع آخر قائلة: «المرحومة أمي، هي أكتر حد واحشني دلوقتي، ووحشني حضنها»، وبعدها دخلت في نوبة بكاء .

وبعد عودة الهدوء إليها قالت: «لا أستطيع العودة إلى الإسكندرية، لأنهم بيوقفولي عربجية»، رافضة الإفصاح عمن تقصدهم، مضيفة: «أسألوا عليا أساتذتي في الجامعة، بكلية العلوم، ومنهم: الدكتورة نهال، والدكتور كمال قنديل، والدكتور محمد القرش».

وفجأة تحولت تلك الفتاة رثة  الثياب، إلى واحد من أرقى مدرسي الجامعة قائلة: «دراسة الكيمياء صعبة، وتحتاج وقتا، وذكاء شديدا، وقد أدت بي إلى أنني نسيت نفسي، وكنت أرفض الخروج، والفسح، وكرست حياتي للعلم، والدراسة، حتى حصلت على الماجستير، فكان شغل المعمل هو حياتي، ورسالتي العلمية هي كل ما يشغلني، لأنني كنت أعمل على نوع خاص، وخطير من الكيمياء، لا يمكنني الإفصاح عنه لكم».

وعند هذه النقطة توقفت كمن اكتشف فجأة أنه أدلى بالكثير، ولا يريد الاستمرار، فتركنا ونحن في حالة ذهول ما زالت تلازمنا، فهل يمكن إنقاذ هذه الفتاة من التشرد، والجنون؟!


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر