زينب عبداللاه تكتب..ياسر جلال وأخلاق فتوات الفن

ياسر جلال ياسر جلال
 
كثيرا ما نتحسر على ما مضى، على ماكنا فيه وأصبحنا عليه فى كل المجالات، نرى دائما فى الماضى كل ما هو جميل افتقدناه، سواء فى الأخلاق أو التعاملات، فى الفن والثقافة والأدب والصحافة، فى الأزياء والذوق والرقى.
 
 نعتز دائما ونفخر بنجوم الفن الكبار الذين ينتمون لزمن الفن الجميل، نصف زمنهم بالجمال لأنهم كانوا يجملونه بفنهم وأخلاقهم وعلاقاتهم وما قدموه من إبداع ، ونظن أحيانا مع ما نراه من ترد  فنى أو سلوكيات لبعض المنتمين للوسط الفنى أن الزمن الجميل وناسه أصبحوا من التراث ولم يعد يبقى من آثارهم شيئاً، حتى تأتينا نفحات من عطر هذا الزمن يتعطر بها من يحملون أخلاقه ويتمسكون بما تمسك به السابقون الأولون.
 
رأينا نفحة من هذه النفحات أعادت الأمل فى النفوس بأن الوسط الفنى بخير، فيه من يحملون ميراث العمالقة وأخلاقهم ، عندما عرضت شركة سينرجى المنتجة لمسلسل سيف الله خالد بن الوليد على الفنان المتألق ياسر جلال القيام ببطولة المسلسل، وكان المرشح لبطولة المسلسل قبل ذلك الفنان عمرو يوسف، ولكنه اعتذر.
 
ياسر جلال الفنان الخلوق المعروف بأخلاقه العالية والذى يحظى بمحبة واحترام جميع زملائه أراد أن يتأكد من أن زميله عمرو يوسف اعتذر، فذهب بنفسه إلى بيت صديقه ليسأله قبل أن يوافق على بطولة المسلسل، وانفرد الزميل عمرو صحصاح رئيس قسم الفن باليوم السابع بتصوير هذا المشهد الراقى المتحضر.
 
‏ظهر ياسر جلال خلال الفيديو ليقول:"كلمتنى شركة سينرجى عشان ‏أعمل شخصية خالد بن الوليد فى مسلسل سيف الله، ومعلوماتى إن النجم ‏الكبير عمرو يوسف بيعمل ‏الشخصية، مكنش ينفع أرد بالموافقة أو ‏الرفض قبل أن أتحدث مع أخى عمرو يوسف للتأكد من أنه اعتذر عن ‏الدور"
 
وظهر النجم عمرو يوسف فى الفيديو وقال: "حبيبى يا ياسر، أولا أنا عايز ‏أشكرك على اهتمامك وذوقك وأخلاقك واحترامك، لأن ‏ياسر كان حريصا ‏على الحديث معى ظنا منه بوجود مشكلات تواجهنى، وحاول إقناعى ‏لاستكمال تصوير المسلسل".
 
 
وأضح النجم عمرو يوسف أنه ملتزم بعمل آخر فى عام 2021 ، وذلك بعد ‏تأجيل تصوير خالد بن الوليد، ما اضطره للاعتذار عن ‏العمل،قائلا : "فى ‏النهاية ده فى مصلحة العمل عشان اللى هيقوم بيه أخى وحبيبى المحترم ‏ياسر جلال، لأنه حضر إلى بيتى لإقناعى ‏باستكمال العمل وهذا يدل ‏على ذوقه وأخلاقه وهذا ليس غريبا على ياسر جلال"
 
 وأعاد هذا المشهد للأذهان زمن العمالقة وفتوات الفن الكبار من زمن الفن الجميل، الذين كانوا يحرصون على علاقاتهم وسادت بينهم التقاليد الراقية، فلم يكن أحدهم يقبل دورا كان معروضا على زميله إلا بعد أن يستأذنه، وهكذا فعل الفنان الكبير عبدالمنعم مدبولى عندما عرضت عليه بطولة فوازير رمضان بدلا من صديقه فؤاد المهندس فلم يقبل إلا بعد أن ذهب إليه واستأذنه، وهكذا كان يفعل العمالقة الكبار فريد شوقى ورشدى أباظة وأحمد مظهر، بل كان أى منهم رغم نجوميته يمكن أن يقبل الظهور فى مشهد واحد إذا كان ذلك لصالح العمل أو يضيف له ، ويكفى أن نرى مشهد واحد جمع العمالقة الثلاثة فى فيلم " كلمة شرف" 
 
تحلى ياسر جلال بأخلاق هؤلاء العمالقة وورث عنهم وعن والده المخرج المسرحى جلال توفيق هذه الأخلاقيات الراقية التى عرف بها بين زملائه.
 
وقدم  النجمان ياسر جلال وعمرو بهذا المشهد الراقى نموذجا يحتذى بين زملائهما لما يجب أن يكون عليه الفنان من رقى وأخلاق، وسلم عمرو يوسف لياسر جلال الراية متمنيا له النجاح فى هذا المسلسل الهام، وقدم كل منهما للأخر باقة ورد محملة بكل معانى الحب والتقدير وحسن الزمالة.
 
والحق أقول أن ياسر جلال يمتلك من القدرات الفنية والملامح ما يجعله الأنسب لأداء شخصية خالد بن الوليد، حيث وصل فى مسلسله "الفتوة" الذى عرض فى شهر رمضان وحقق نجاحاً كبيراً إلى قمة نضجه الفنى، واستطاع أن يقدم شخصية الفتوة بروح وأسلوب مختلف وتعامل معها بذكاء شديد، فلم يقع فى فخ المبالغة والتشنج فى الأداء، واستطاع أن يجسد باقتدار وحكمة كل تفاصيل الشخصية بانسيابية وبأسلوب السهل الممتنع الذى يصل إلى قلب وعقل المشاهد دون تكلف أو تصنع، وهو ما ينبئ بقدرته على تجسيد شخصية خالد بن الوليد باقتدار كبير ونجاح يضاف إلى نجاحاته.
 
وأخيرا شكرا للنجمين ياسر جلال وعمرو يوسف على هذا المشهد الراقى وهنيئا لنا بفتوة جديد يحمل راية وأخلاق فتوات زمن الفن الجميل.
 

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر