من السادات إلى وزير الصحة.. هؤلاء اعلنوا الكراهية لـ عبد الناصر

جمال عبد الناصر جمال عبد الناصر
 
مصطفى عزت

"عمل حاجات معجزة.. وحاجات كتير خابت".. هكذا وصف الشاعر أحمد فؤاد نجم الزعيم جمال عبد الناصر في قصيدته الشهيرة "زيارة إلى ضريح عبد الناصر" التي تلخص فترة حكم ناصر.

إلا أنه يبدو أن وزير الصحة الحالي أحمد عماد  اختلف مع شطر نجم الشعر، وقرر التعبير عن حكم ناصر بطريق أخر، حيث أطلق تصريحات تفيد بأن التعليم والصحة أفسدتهما مجانية الزعيم الراحل، وهو التصريح الذي اعتبره قطاع كبير من إهانة لرجل تعلقت به قلوب المصريين خلال فترة هي الأخطر في تاريخ مصر.

السادات:

ربما لا يوجد ما هو أكثر إثارة للذهول، من أن يكون الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي بدأ حكمه بانحناءة لتمثال عبد الناصر في مجلس الأمة، في مشهد سجلته عدسات التلفزيون، أكثر المهاجمين لسلفه، هذا بالطبع بعد أن صار السادات رئيساً لمصر.

المثير أن السادات ألّف كتابين خلال حكم ناصر هما: "يا ولدي هذا عمك جمال"، "صفحات مجهولة" رتّل خلالهما عبارات المديح للرئيس للزعيم الراحل، واصفاً إياه بالرئيس الخالد وأعظم الذين حكموا مصر، ومُنع تداول الكتابين بعد توليه حكم مصر، ولم يتورع في أن يهاجم ناصر في كتابه "البحث عن الذات" واصفاً إياه بأنه كان يشك في كل شئ، وتسبب شكه في أهدار كرامة الإنسان المصري، كما كال له الانتقادات بوصفه أنه كان عنيفاً في خصومته، وديكتاتور أودع الآلاف في المعتقل أثناء أزمة عام 1965.

السادات لم يكتفي بذلك فحسب وإنما وصف عبد الناصر أيضاً بأنه كان محباً للزعامة، ومعتزاً بنفسه دون النظر إلى أية اعتبارات أخرى.

وتسبب هذا النقد اللاذع الذي وجهه السادات لسلفه في غضب أسرة عبد الناصر وعشاق الزعيم الراحل طويلاً، وهو الغضب الذي زرع الكراهية في نفوس الناصريين تجاه الرئيس الراحل حتى اللحظة.

كتاب البحث عن الذات
كتاب البحث عن الذات

 

أنيس منصور:

 بعد الأزمة الشهيرة بين الرئيس الراحل أنور السادات والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، التي انتهت برحيل الأخير عن الأهرام عام 1974، وترك مكانه شاغراً، حاول الكثيرون شغل هذا الموقع الذي تركه هيكل ليس في الأهرام وإنما في قلب وعقل الرئيس الجديد الذي وطد أواصر حكمه بانتصار تاريخي على إسرائيل عام 1973.

أنيس منصور
أنيس منصور

كان أبرز هؤلاء الكاتب الصحفي أنيس منصور الذي حاول بمهارته الصحفية القفز على مقعد هيكل مستخدماً سلاح مهاجمة ناصر، وظل أنيس يسرد ويكتب في نقد ناصر طيلة فترة السبعينيات إلى أن وصل هذا الهجوم إلى ذروته حينما صدر كتابه الأشهر "عبد الناصر.. المفترى عليه والمفتري علينا" عام 1988.

وحمل الكتاب نقداً واتهامات للرئيس الراحل فاقت كل المدى، وتتجلى قسوة الانتقاد لأي قارئ للكتاب خلال مشهدين سردهما منصور الأول حين ادعى أنه لاحظ أثناء حفل عقده عبد الناصر على شرف الزعيم السوفييتي "خروتشوف" وجود رجل يرتدي طربوشاً أحمر مال على يد عبد الناصر وقبّلها، ويروي منصور أنه اكتشف أن هذا الرجل لم يكن سوى والد الزعيم الراحل، وعرف ذلك حينما همس محمد الخامس ملك المغرب في أذن الرئيس السوري شكري القوتلي قائلاً: إن رجلا يفعل هكذا مع والده فما الذي يفعله مع بقية خلق الله.

الموقف الثاني كان أخطر من الأول، حيث داعب منصور عاطفة الشعب المصري،  حينما روى أن عبد الناصر أدى فريضة الحج مرة واحدة عام 1954، وأثناء هذه المرة وعلى لسان حمدي عاشور عضو مجلس الشورى الأسبق الذي أقسم أمام الكعبة المشرفة قائلاً أنه سمع عبد الناصر يقول عن الحج أنه "كلام فارغ".

وأثار هجوم منصور على ناصر استنكار الكثيرين الذين رأوه متحاملاً أكثر من أن يكون موضوعياً.

مصطفى محمود:

"من كرهه أعدائه صادق" هكذا وصف الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي خصوم عبد الناصر، وينطبق هذا الشطر الشعري جلياً في علاقة سواء المحبين أو الكارهين بعبد الناصر، فمحبو الزعيم الراحل منهم من يضعه في مصاف الأنبياء كـ "نزار قباني" الذي رثاه في قصيدة هي الأشهر كان عنوانها: "قتلناك يا آخر الأنبياء"، في حين أن هناك من كارهيه من وصفه بالشيطان المتآمر.

ويعتبر المفكر الكبير مصطفى محمود أحد أشهر كارهي الزعيم السابق، ليست عداوة أو خصومة وإنما كراهية فعلية تظهر دون مواربة في كتاب محمود "المسيح الدجال"، حيث أخذ  مصطفى محمود يصف جهنم وأحوال ساكنيها على لسان "المسيح الدجال" فقال أن الشيطان لا يمكن أن يخطر بباله أساليب عصابة ذلك الرجل الذي بنى السد العالي.

وأثار هذا الهجوم انتقاد الكثيرين حينها، والذين رفضوا إبداء الرأي في دخول الناس الجنة أو النار بحكم أنها من الغيبيات.

مصطفى محمود
مصطفى محمود

توفيق الحكيم:

المفكر الكبير توفيق الحكيم يعد أحد أشهر مؤيدي الرئيس عبد الناصر خلال فترة حكمه، ووصل الأمر إلى دعوته عقب وفاة الرئيس عبد الناصر إلى ضرورة الاكتتاب الجماعي لأجل تأسيس تمثال لعبد الناصر في ميدان التحرير تقديراً لما قام به في خدمة الوطن.

رغم ذلك إلا أن الحكيم كان أحد الذين بدأوا حملة الهجوم على ناصر وذلك من خلال كتابه "عودة الوعي" الذي سرد فيه أنه كان شريكاً في التبشير بمسرحيات عبد الناصر عن الثورة، مؤكداً أنه وبعد تعاقب السنوات على رحيل عبد الناصر سيسترد الشعب الوعي الذي سُلِب كما استرده هو.

وأثار الكتاب استهجان الكثيرين على رأسهم الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، الذي انتقد موقف صديقه المقرب خلال فصل كامل في كتابه "خريف الغضب" .

توفيق الحكيم
توفيق الحكيم

مصطفى أمين:

في بادئ الأمر، كان الكاتب الكبير مصطفى أمين أحد أقوى خطوط الدفاع عن ثورة يوليو ورموزها، حيث أنه ألف بعد نجاح الثورة مباشرة كتاب كان عنوانه "ليالي فاروق"، سرد خلاله فضائح الملك المعزول وجرائمه في حق مصر وشعبها.

لكن ما لبث أن اصطدم مصطفى أمين بعبد الناصر ونظامه، ليس بالنقد أو الاعتراض وإنما باتهامه بالتخابر لصالح أمريكا، ورغم أن الاتهام تداوله معارضي عبد الناصر للتنكيل به والتشهير، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها كشفت في كتاب اسمه "ميراث من الدماء" صدر عام 2007 ويتناول أبرز عملاء الـ "السي آي إيه" في الشرق الأوسط وجاء على رأسهم مصطفى أمين!

عقب عفو الرئيس السادات صحياً عن أمين، أصدر الأخير سلسلة كتب حول مذكراته في السجن، كما صاغ كتاب القيادية الإخوانية زينب الغزالي الذي جاء عنوانه: "أيام من حياتي"، وامتلأت تلك الكتب بالاتهامات حول تعرضهما للتعذيب البدني والنفسي والجنسي في السجن. 

عبد الناصر ومصطفى أمين
عبد الناصر ومصطفى أمين

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر