الغورية.. خرجت منها ثورة 19 وعاش فيها أحمد فؤاد نجم

حي الغورية حي الغورية
 
إلهام الجمال

حى من أشهر وأعرق أحياء القاهرة، عندما تطأه قدماك تشعر كما لو كنت قد انتقلت لزمن آخر، فمعالم المكان العتيقة، لازالت – برغم الزحام والتلوث والضوضاء- تفوح منها رائحة التاريخ، وتعكس ملامح عصر كان فيه الفن جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الإسلامية.

إنها الغورية الحى العتيق .. تعالى وتعرف عليه أكثر فى السطور التالية:

تبدأ الغورية من جهة القلعة بباب زويلة أو بوابة المتولى كما يطلقون عليها، مرورا بالدرب الأحمر وشارع السروجية بالمغربلين، تمتد للخيامية، لتصل إلى السوق التجارى، فمسجد السلطان الغورى عند الأزهر وشارعه العتيق.

الغورية تضم عدداً من الحارات، من أشهرها حارة الزيت التى اكتسبت اسمها من التجار المغاربة الذين كانوا يسكنونها ويبيعون فيها الزيت. وحارة الكحكيين التى تشتهر ببيع العباءات والقفاطين، وشارع المنجدين المخصص لبيع الأقطان والمفروشات، وحارة الفحامين التى اشتهرت ببيع الأحذية الجلدية.

حى الغورية كل منطقة فيه تحوى أثرا مهما إذا وقفت أمامه للحظات، ستتمتع عيناك بالفن الإسلامى الذى تجده متجسدًا بمراحله المختلفة فى جامع السلطان قنصوى الغورى، وسبيل محمد على، وسبيل قيطاس، وكنيسة إلى جانب حارة الكوز التى كانت تحوى عددًا من الربوع المخصصة لإقامة الفقراء، بالإضافة إلى درب المقشات وحارة الروم والباطنية، وأهم ما يميزه العذراء مارى جرجس ووكالة الغورى وبيت السحيمى ومصطفى جعفر.

ومنذ نشأتها الأولى وحتى الآن ظلت «الغورية» واحدة من أكثر الأسواق التجارية الشعبية فى القاهرة لبيع الأقمشة والأقطان والعطارة. ومستلزمات البيت المصرى وجهاز العروس وغيرها، حيث كان للغورية الفضل فى الحفاظ على الصناعات اليدوية عبر السنوات الطويلة. ففيها ستجد صناع الفوانيس والقباقيب والطرابيش والنحاسين.

للأسف طمست الهوية التاريخية للغورية بسبب الزحام وتكدس التجار، فلم يعد الزائر يرى شيئا من آثارها العريقة، ويتأمل فى جمال مبانيها وروعة تصميماتها الإسلامية المميزة، حيث أصبح الزائر يكتفى "بالفرجة" على البضائع والانشغال بالفصال مع التجار.

لم يعد يدرى زائرو الغورية أو حتى معظم سكانها أن الغورية تحتضن بين منازلها أول منزل خرجت منه ثورة 1919 وهو منزل الشيخ القبانى، الذى أصبح متهالكًا الآن، ولا يعيره أحد اهتمام برغم أهميته التاريخية، حتى أجيال السكرية الجديدة لم تعد تعرف شيئا عن حارة السكرية، ومنطقة «حوش قدم» تلك المنطقة التى احتضنت أشعار أحمد فؤاد نجم وأغانى الشيخ إمام. اللذان سكنا الغورية لسنوات، وأصبحت بسببهما قبلة تستقطب أغلب مثقفى مصر فى الستينيات والسبعينيات.

إلى جانب الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، اللذان يعدان من أشهر من سكن حى الغورية، أنجب ذلك الحى العديد من المشاهير، منهم الفنان عباس فارس، والمطرب كارم محمود وعملاق التمثيل محمود المليجى.

رمضان فى الغورية له مذاق خاص جدا، فهناك أنت تشعر فى كل دقيقة بالجو الروحانى الجميل. جدران المكان التى تحيط بحاراته وأزقته تعيدك معها إلى عهد القاهرة الفاطمية والمملوكية.

سرادقات الفوانيس بأضوائها المختلفة، لحظات الإفطار وصوت الآذان المنبعث من مئات المآذن المحيطة، السهرات الرمضانية الممتدة حتى السحور، المسحراتى بطرقاته المميزة فوق طبلته الخالدة، كلها تفاصيل صغيرة تؤكد لك أن رمضان فى مصر له مذاق خاص لا يعرفه إلا من عاش فيها.

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر