فى ذكرى مرور 564 عاما.. قصة فتح المسلمين القسطنطينية

القسطنطينية القسطنطينية
 
إيناس كمال

تمر اليوم 29 مايو، ذكرى فتح مدينة القسطنطينية عام 1453 م، على يد السلطان محمد الفاتح وهى مدينة تقع عند مُلتقى القارتين آسيا وأوروبا، أسسها ملاحون من «ميجارا» فى عام 657 ق.م، وظلت تعرف باسم بيزنطة حتى عام 330م حينما اتخذها الإمبراطور قسطنطين الأكبر عاصمة لبلاده، وبعد أن قام الإمبراطور بترميمها تم افتتاحها وأطلق عليها اسم «روما الجديدة»، ولكن الناس فضلوا أن يطلقوا عليها اسم القسطنطينية وظلت حتى فترة طويلة عاصمة للإمبراطورية الرومانية الشرقية.

وفى مثل هذا اليوم 29 مايو من عام 1453، سقطت القسطنطينية فى أيدى العثمانيين على يد السلطان محمد الفاتح، الذى أنشأ حصنا منيعا على الشاطئ الأوروبى تجاه مدينة القسطنطينية، ثم حاصرت الجيوش العثمانية القسطنطينية، واستولت فى طريقها على عدة مدن مثل: مسميريا، وإنكيالوس، وبذيه، كما استولت على قلعة "سنت إتين".

بدأ محمد الثانى فى الحصار فى 6 إبريل عام 1453م، وحسب تقدير المؤلفين بلغ عدد الجيش نحو 80 ألف جندى، أما المدافعون فلم يتعد عددهم أربعين ألفا، ووصل الأسطول العثمانى إلى مياه البسفور وعسكر فى مياهه تحت قيادة أمير البحر، وبعدها وزعت الجيوش توزيعا دقيق للسيطرة على أسوار المدينة ومنافذها، طوقت مدينة القسطنطينية من جميع الجهات برا وبحرا، ورغم هذه الحالة بقى المدافعون الروم معتصمين بأسوارهم، واكتفوا بإلقاء القذائف على القوات المحاصرة لهم من وقت لآخر.

مضت الأيام الأولى من الحصار فى محاولات ومعارك جزئية، واستمر حصار المدينة قرابة 49 يوما اشتد فيها الضيق على المدينة المحاصرة. وفى فجر يوم الثلاثاء 29 مايو عام 1453م هاجم الأتراك المدينة الهجوم الأخير من البر والبحر، وأخيرا استطاع الجنود النفاذ إلى المدينة، وأسرع الإمبراطور قسطنطين ومن معه إلى المنطقة، ونشبت معركة شديدة، وأثناء المعركة سقط الإمبراطور، وفر المدافعون، وبعد أن تأكد السلطان محمد الفاتح من سيطرة جيشه على المدينة دخل القسطنطينية وأمر برفع الأذان، وصلى فيها هو ومن معه، وعُرف بالفاتح لأهمية فتح هذه المدينة عاصمة الدولة البيزنطية، وأطلق عليها اسم «إسلامبول»، الذى يعنى بالتركية تخت الإسلام، كما سمى فتح القسطنطينية بالتركية "قسطنطينية فتحى" أو "استنابول فتحى".

بعد فتح القسطنطينية غادر عددٌ كبيرٌ من عُلماء وفلاسفة المدينة، من رومٍ وغيرهم، إلى الدويلات والإمارات والممالك الأوروبيَّة المُجاورة، قبل ضرب الحصار على عاصمتهم وبعد أن فُكَّ عنها، وأغلب هؤلاء حطَّت به الرِحال فى إيطاليا حيثُ لعبوا دورًا فى إحياء العلوم والمعارف المُختلفة هُناك، مما جعل تلك البِلاد رائدة عصر النهضة الأوروبيَّة.

لم تكن هذه المحاولة هى الأولى لفتح القسطنطينية، بل سبقتها محاولتان أخريين الأولى عام 49هـ، المُوافق عام 669م، فى عهد مُعاوية بن أبى سُفيان والتحم الجيشان الإسلامى والرومى إلا أن المسلمين لم يحققوا نجاحا وعادوا إلى دمشق.

كانت المحاولة الثانية لفتح القسطنطينية عام 54هـ المُوافق عام 674م بدأ الحِصارُ الثانى للقسطنطينيَّة واستدعى الأمر تعزيز القوَّة البحريَّة الإسلاميَّة فى مياهها، وانضمَّ إليها أسطولٌ إسلامى آخر بقيادة جُنادة بن أبى أُميَّة الأزدى بعد أن فتح جزيرة أرواد القريبة منها حيثُ اتخذها المُسلمون قاعدة انطلاق، لكن لم يُحرز المُسلمون انتصاراتٍ حاسمةٍ لأنَّ جُهودهم تركَّزت على مُحاصرة المدينة من جهة البحر. أمَّا الحصار البرّى فكان مُزعزعًا حيثُ بقيت الطُرق البريَّة وطريق البحر الأسود مفتوحة أمام البيزنطيين مما جعل منها مُتنفسًا وطريقًا للإمدادات والمؤن. أمام هذا الواقع، أمر الخليفة مُعاوية بن أبى سُفيان الجيش الضخم أن يعود أدراجه إلى دمشق، وأبرم هدنةً طويلةً مع الروم تستمرُّ ثلاثين عاما.

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر