لماذا كل هذا الحزن المشروع على وفاة احمد الحجار؟

رائد لطفى رائد لطفى
 
بقلم/ رائد لطفى
هو حزن مشروع لأن الراحل عنا يستحق. الراحل قريب جداً من قلوب عشاقه وإن كان أغلبهم لم يلتقيه ولم يكن مطربهم الأول .. مشروع لأن فقدانه خسارة كبيرة جداً ويصعب تعويضها. وسأذكر بعض أسباب حزن الوسط الموسيقى والفنى الكبير على هذا الرحيل المفاجىء،  وحزنى أنا العميق والخاص عليه فى هذه السطور القليلة .. ورغم أن الأغلبية العظمى من الناس تعرف أن أحمد الحجار هو ابن الفنان الكبير إبراهيم الحجار والأخ الأصغر للمطرب الكبير والمتميز على الحجار وكلنا مازال يستمتع بروائع أحمد الحجار مثل "عود" و"لملمت خيوط الشمس" .. إلا أننى سأعرض ما هو أكثر ولم يقف عنده العاديون منا كثيرا .. إما لعدم تخصصهم أو لإنشغالهم مع إيقاع الحياة السريع والفوضوى .. فأحمد الحجار كان من معدن نادر من الفنانين، كان -رحمة الله عليه- مثل الألماس بين المعادن .. وساذكر هنا ووسط هذه الهجمة الشرسة مما يعرف بأغانى المهرجانات وبقية الأسفافات، أنه قديماً وقبل عقدين من الزمن فقط، كان هناك لجنة استماع بالإذاعة المصرية، يقف أمامها المطرب والملحن والشاعر ليقدم فنه .. واللجنة التى تضم فطاحل الطرب والموسيقى هى من تحدد كونه فناناً ويستحق أن يأخذ نافذة ليطل منها على الناس .. وعادة ما تكون أول نافذة هى الإذاعة أيضاً .. ومع مرور الوقت بدأ ما يعرف بسوق الكاست الذى مال نحو مقولة "الجمهور عايز كده" فقدم بعض المطربين كنوع من التجربة أحياناً وكنوع من البحث عن المكسب المادى فى الأغلب الأعم، ومنهم من نجح جداً ومنهم من فشل فعلا ذريع وانتهت رحلته. إلا أن دوام الحال من المحال، ومع مرور الوقت ودخولنا بالقرن الواحد والعشرين وعصر السموات المفتوحة ثم السوشيال ميديا، أصبح خضوع الصوت واللحن والكلمة لقانون الإجادة والذوق العام شبه مستحيل .. وتكاد  الكفة أن تميل نحو الإسفاف والنشاذ والقبح، إلا أن وجود فنانين من نوعية أحمد الحجار كانت تعِّدل الكفة لبعض الوقت، فيظل هناك أمل .. أمل فى أن يظل الفن الحقيقى والراقي هو العنوان، ليس للطرب الأصيل  فقط ولكن عنوان لفن مصر كلها.
 
وأنا لم أعرف الراحل العزيز شخصياً، ولم يكن لى الشرف للقائه وإن كنت على علاقة صداقة فنية مع أخيه الأستاذ على الحجار .. فهو بكرمه، يقرأ أشعارى ولا يبخل أبداً بنصيحة أو توجيه ولنا معا خطط مستقبلية لأعمال غنائية ودرامية إن وجدنا نافذة لتنفيذها كما نحب ونتمنى .. إلا أننى عرفت من بعض المقربين من الراحل أحمد الحجار أنه من الملحنيين الذى يعكفون على الأغنية الواحدة طويلاً وربنا يطول الوقت ليصبح عاماً كاملا ً.. عاماً كاملا ً من أجل أن تَخرج من يده أغنية واحدة للنور .. فتكون الأغنية نوراً حقيقياً وسط ظلام النشاذ والفوضى الحالية بالفعل .. مثل هذا المبدع البسيط جداً والمخلص جداً والمتفانى جداً والزاهد جداً كان رمانة ميزان الطرب والفن الأصيل مع آخرين .. وكان تبنيهم أو تلحينهم لمطرب شاب أو شاعر شاب بمثابة اعتماد تام من لجنة الإذاعة القديمة .. كنا ننتظر الأغنية أو اللحن منهم لنعرف أن هناك قادة لمعركة الفن الجيد والكلمة الهادفة والإحساس الصادق .. كنا نتأكد أن مصر ولادة ولها الريادة .. فهل عرفتم الآن لماذا كل هذا الحزن الكبير والمشروع على أحمد الحجار الذى غيبه الموت فجأة، فترك فى الحلق غصة وفى القلب بكاء على  الذى ذهب ولن يعود.

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر