في زمن كانت فيه الساحة الغنائية تعج بالأصوات النسائية المتشابهة، خرجت سيمون بصوت له الملامح ويحمل شخصية مستقلة ، قوي التأثير، وأسلوب غنائي حمل بصمتها الخاصة، جعلها في مصاف الأصوات التي تميزت لا فقط بحُسن الأداء، بل بذكاء الاختيارات، وعلى مدار مشوارها الفني، لم تكتفِ بالغناء، بل انتقلت إلى التمثيل في السينما والدراما والمسرح، لتشكل تجربة فنية متعددة الأبعاد، قوامها الموهبة والاختلاف.
- مطربة اختارت لونها الخاص
ظهرت سيمون في أواخر الثمانينيات بصوت يحمل ملامح الحداثة والبهجة، فحققت شهرة واسعة بأغنيات مثل "مش نظرة وابتسامة" و " تاكسي " و"بتكلم جد"، و " ماشيه و ساعتى مش مظبوطه " ، " خاف مني " وغيرها من الأغاني لتدخل قلوب الجمهور سريعًا، وتفرض لونًا غنائيًا لا يشبه غيره.
كانت أغنياتها تجمع بين الإيقاع العصري والكلمات السهلة الممتنعة، وامتازت بإنتاج بصري متجدد، خاصة في الكليبات التي عكست ذوقًا فنيًا وشخصية مستقلة، جعلتها واحدة من أبرز رموز البوب المصري في تلك الفترة، ويُحسب لسيمون جرأتها في انتقاء كلمات غير تقليدية، وغنائها أحيانًا بالفرنسية والإنجليزية، مما أضفى على أعمالها طابعًا عالميًا.
- وجه سينمائي... وأداء يحمل البساطة والعمق
اتجهت سيمون إلى التمثيل في مرحلة مبكرة من شهرتها، وقدّمت أولى تجاربها في فيلم يوم حلو ويوم مر (1988) أمام سيدة الشاشة فاتن حمامة، ومن إخراج خيري بشارة، و كان اختيارًا ذكيًا منحها الثقة والبداية من القمة، وقدّمت في الفيلم شخصية الفتاة الشعبية بواقعية ونعومة دون تصنع، وفي السينما، ظهرت بعد ذلك في أفلام مثل "آيس كريم في جليم" مع عمرو دياب، وغيرها من الأعمال وأثبتت أنها قادرة على تقمص شخصيات مختلفة بمزيج من العفوية والانضباط الفني.

سيمون ملكة البوب المصري
وفي الدراما التليفزيونية، قدّمت سيمون أدوارًا بارزة، منها مشاركتها في مسلسل " حلم الجنوبي " مع الفنان صلاح السعدني، و" زيزينيا " مع الفنان يحيي الفخراني ، كما تألقت في مسلسل "فارس بلا جواد" مع محمد صبحي، حيث لعبت دورًا مهمًا جمع بين الطابع الكوميدي والجدي، وأظهرت حضورًا على الشاشة بانضباط أدائي لافت، ومؤخرا مسلسل " صيد العقارب " مع الفنانة غادة عبد الرازق والفنان رياض الخولي ، قدمت فيه أداءً ناضجًا وهادئًا ومتماسكًا، أكدت فيه أنها لم تغب عن أدواتها التمثيلية رغم فترات الغياب.
- المسرح... مدرسة محمد صبحي
من بين أبرز المحطات في مسيرة سيمون، مشاركتها في ثلاث مسرحيات مهمة مع الفنان والمخرج محمد صبحي، الذي يعد من أبرز مدربي الممثلين على خشبة المسرح. جاءت هذه المشاركات في مسرحيات: " كارمن"، " لعبة الست"، " سكة السلامة "، وقد استطاعت سيمون أن تُثبت موهبتها المسرحية بقدرتها على الأداء الحي، والاتزان الصوتي والجسدي على خشبة المسرح، ما جعل تجربتها مع صبحي علامة بارزة في مشوارها.

سيمون
- التفرد والألق بعيدا عن الضجيج
تتميز سيمون بأداء داخلي رقيق، بعيد عن المبالغة، وهو ما يظهر بوضوح في الأدوار التي تتطلب انفعالات متباينة، وتتقن استخدام نبرة الصوت وتعبيرات الوجه في توصيل مشاعرها، وتتميز بالصدق التمثيلي، خاصة في أدوار الفتاة الرومانسية أو المثقفة.
ويمتاز صوت سيمون بنقاء فني ومرونة موسيقية، وقدرة على التنقل بين المقامات بسهولة، أما أسلوبها في الأداء فبسيط في الشكل، عميق في التأثير، وعادةً ما تختار أعمالاً ذات بُعد وجداني أو إيقاعي مميز، ما يعكس ذوقًا فنيًا خاصًا في انتقاء الألحان والكلمات.
في عيد ميلادها، نستعيد تجربة سيمون باعتبارها واحدة من الفنانات اللواتي اخترن التفرد طريقًا لهن، فنجحن في الغناء بخصوصية، والتمثيل بعمق، والمسرح باحتراف. وبين قوسين من الأغنية والدراما، رسمت سيمون لنفسها مسارًا صادقًا وممتعًا، لا يليق إلا بنجمة تعرف كيف تُضيء بعيدًا عن الضجيج.