مظاليم الفن.. إسماعيل يس بدأ مشردا ومات مفلسا ودخل مستشفى المجانين

إسماعيل يس إسماعيل يس
 
محمد سعد الدين

ينظر الجمهور إلى نجوم الفن بأنهم أشخاص أكثرا حظا من غيرهم، نظرا للمبالغ الكبيرة التى يتقاضونها نظير أعمالهم الفنية، ولكن فى حقيقة الأمر فإن هناك من أفنى عمره من أجل الفن ولم يحصل على المقابل الذى يستحقه.

وإذا تحدثنا عن أسطورة الكوميديا إسماعيل يس فإن الكلمات قد تكون قليلة على تقدير هذا النجم الكبير، الذى استطاع رسم البسمة والبهجة على وجه من يشاهدون أفلامه التى تعد علامة فارقة من علامات السينما المصرية، ولكن رغم كل هذا إلا أن صانع البهجة لم يحظ بأى من أشكال السعادة أو التقدير فى حياته.

تشرده بشوارع القاهرة

نشأ الراحل إسماعيل يس فى مدينة السويس حيث عمل مناديا أمام أحد محلات بيع الأقمشة، قبل أن يسافر إلى القاهرة فى سن الـ17 كى يعمل مطربا، ولكنه وجد جميع الأبواب مغلقة أمامه، ليصرف جميع الأموال التى يمتلكها ويصبح مشردا فى الشوارع وينام ليلا فى مسجد السيدة زينب قبل أن يطرد منه ويذهب لينام بمسجد آخر ليتم اتهامه بالسرقة قبل أن ينقذه إمام الجامع ويعطيه المال كى يعود إلى السويس مرة أخرى.

مشواره الفنى

رغم المعاناة التى عاناها إسماعيل يس فى رحلته الأولى للقاهرة، إلا أنه لم ييأس وظل يكافح نحو حلمه، حيث عاد من جديد بعدما اكتشفه صديق عمره ورفيق رحلة كفاح السيناريست أبو السعود الإبيارى، ليرشحه للعمل مع الراقصة بديعة مصابنى كى يعمل مونولوجست فى الملهى الليلى الذى تمتلكه، ومن هنا كانت نقطة انطلاقه نحو عالم الشهرة والنجومية، فلقد استطاع فى سنوات قليلة من عمله معها أن يصبح من أشهر مقدمى المنولوجوات فى مصر، لينطلق بعدها نحو الإذاعة كى يلقى المونولوجات بها.

وحصل إسماعيل يس على أولى فرصه فى عالم السينما من خلال فيلم "خلف الحبايب" مع أنور وجدى، قبل أن ينضم إلى فرقة على الكسار المسرحية، بجانب مشاركته فى العديد من أعماله السينمائية والتى كانت نقطة انطلاقه نحو الشهرة والنجومية، حيث شارك بعدها كبطل ثانٍ بجانب العديد من الأعمال السينمائية.

وقدم إسماعيل يس خلال مشواره الفنى أكثر من 170 فيلما من بينها 9 أفلام حملت اسمه وهو ما لم ينجح أى من نجوم السينما فى تحقيق ذلك حتى يومنا هذا، بجانب أكثر 60 مسرحية سجلت جميعها للتليفزيون ولكن للأسف تم مسحها جميعا بسبب خطأ من أحد الموظفين العاملين بالتلفزيون المصرى وأن هناك بعض الأقاويل التى أنتشرت حول أن لك تم بطريقة مقصودة، حيث لم يتبقى له سوى فصلين من مسرحية "كل الرجالة كدة".

دخوله مستشفى الأمراض العقلية

تعرض إسماعيل يس فى عام 1950 لخطأ كاد أن يقضى على مشواره الفنى، فحسب ما ذكره المؤرخ الراحل حسين العشى فى كتابه "رجال صنعوا تاريخ السويس"، فلقد دعاه الملك فاروق برفقة عدد من نجوم الفن فى ذلك الوقت لإحدى الحفلات الكبرى، ليطلب منه الملك أثناء تقديم فقرته الكوميدية أن يلقى بنكتة جديدة على الفور، ويبدو أن إسماعيل لم يفكر جيدا قبل أن يقول النكتة والتى بدأها بجملة "مرة واحد مجنون زى جلالتك كدة" وقبل أن يكمل الجملة انفعل الملك عليه وصرخ فى وجهه قائلا "أنت بتقول إيه يامجنون" ليضطر إسماعيل يس أن يتظاهر بالإغماء كى يخرج من تلك الورطة، ليطلب الملك إحالته إلى مستشفى الأمراض العقلية للكشف على قواه العقلية، ليتم نقله بالفعل إلى المستشفى التى ظل بها لمدة 10 أيام قبل أن يغادرها بعدما ساءت حالته النفسية بسبب ما حدث معه.

إسماعيل يس والملك فاروق

إسماعيل يس والملك فاروق
 

إفلاسة وعودته لنقطة الصفر

تعثر إسماعيل يس فى نهاية مشواره الفنى، فلقد شهدت فترة الستينات انحسار الأضواء عليه تدريجيا وأصبح يقدم عددا قليلا من الأفلام فى تلك الفترة، ويبدو أن عدم تقربه من المسئولين فى تلك الفترة أدى إلى بيعه كافة أملاكه وحل الفرقة المسرحية التى يملكها بسبب تراكم الديون عليه، ليضطر بعدها إلى السفر إلى لبنان من أجل العمل فى بعض الأفلام القصيرة التى لا تناسب مشواره الفنى.

وفى أيامه الأخيرة عاد إسماعيل يس إلى مصر مرة أخرى محطما ومفلسا، بعدما أصيب بأمراض القلب والنقرس، ليضطر بعدها بالعمل ببعض الأدوار الصغيرة التى لا تناسب تاريخه، والتى كان آخرها دوره الصغير فى فيلم "الرغبة والضياع" مع نور الشريف والتى لم يكمل تصويره بسبب وفاته المفاجئة، بجانب اضطراره للعمل فى أحد الملاهى الليلة كمونولوجست مرة أخرى من أجل لقمة العيش، ويقال إن ذلك هو السبب الرئيسى فى وفاته بالأزمة القلبية.

آخر أمنياته

وتمنى إسماعيل يس فى لقاء نادر قبل وفاته، أن يتم تكريمه قبل وفاته كقيمة فنية كبيرة أفنت عمرها من أجل الفن، موجها اللوم على الصحفيين فى ذلك الوقت الذى يقومون بمدح فنانين آخرين أقل منه قيمة وتجاهله، ولكن يبدو أنه رحل عن عالمنا فى الرابع عشر من مايو عام 1972 قبل تحقيق آخر أمنياته.

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر