فى ذكرى ميلاد «شكوكو».. أحبه المصريون وصنعوا له تمثالا والثمن مفاجأة

 
أحمد إسماعيل

لا تقام التماثيل والنصب التذكارية إلا للعظماء، أو الذين تخلدهم ذاكرة التاريخ، ومن الفنانين المصريين، كان هناك فنان غلبت شهرته فوانيس رمضان والحصان والعروسة التى كانت تُباع فى الموالد الشعبية ومولد النبى، وهو شارلى شابلن العرب الفنان والمنولوجست محمود شكوكو، الذى غطت شهرته سائر قرى الريف المصرى ومدنه قبل أن تطوف أعماله جنبات الشارع العربى.

شكوكو كان يرى فى طفولته باعة التماثيل المصنوعة من الجبس والحجر الجيرى وهم يطوفون شوارع قريته ميت فارس مركز دكرنس بمحافظة الدقهلية ، وهم يصيحون" شكوكو بإزازه" زجاجة"، حيث كان تمثال محمود شكوكو يباع مقابل زجاجة المياه الغازية الفارغة، التى كانت معبأة بالزيت أو الخل أو الشربات أو الأدوية، لتورد هذه الزجاجات -فيما بعد- إلى محلات متخصصة، تبيعها إلى مصانع الزجاج لإعادة تصنيعها أو لمصانع أخرى تعيد ملئها حسب الأحوال وكان التمثال لرجل يرتدى جلبابا ويضع على رأسه طرطورا ويمسك بيده عصا يلامس طرفها قمة الطرطور، وظل يحتفظ فى حاجياته بأحد هذه التماثيل لفترة طويلة،  وإن دل ذلك على شىء فإنما يدل على مدى حب المصريين لهذا الفنان المنولوجيست، الذى أصبح محبوبا للملايين، وكانت تماثيله تنافس أى تمثال آخر، بل لم ينافسه أى فنان فى ذلك.

وكان " شكوكو" رغم عمله بالتمثيل إلى جانب إلقاء المنولوجات كان يفتخر دائما بفن المنولوج، وبالطاقية والجلابية والعصا التى كانت أدواته وعلاماته المميزة وهو يلقى المنولوجات الاجتماعية الشهيرة، وكان فخورا بمهنته الأصلية قبل أن يحترف الفن وهى "النجارة".

حياة هذا الفنان عبقرى الضحك، غنية بالطرائف والانفرادات، فإضافة إلى أنه كان الوحيد الذى بيعت تماثيله فى شوارع قرى ومدن مصر، فهو الوحيد أيضا الذى كان يمتلك فى عهد الملك فاروق سيارة حمراء اللون، فى وقت كان اللون الأحمر هو ما يميز سيارات الملك الذى كان من عشاق هذا اللون، فقد سافر " شكوكو" ذات مرة إلى إنجلترا واشترى من هناك سيارة "رالى" حمراء اللون، وعند عودته بها رفضت الجمارك الإفراج عنها، لأن لونها نفس لون سيارات الملك، فأرسل "شكوكو" استغاثة إلى رئيس الوزراء وقتها "مصطفى النحاس" الذى رفعها إلى الملك، فوافق وقال يومها: "شكوكو بس اللى يركب عربية حمراء".

وعندما كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات يكرم الفنانين فى عيد الفن، وجاء دور شكوكو فى التكريم، كان قد أعد كلمة ليقولها وهو يتسلم شهادة التكريم من السادات، وظل يحفظ فيها ويراجعها حتى قبل أن يصعد إلى المنصة بلحظات، ولكنه بعد أن رأى السادات يسلمه شهادة التكريم نسى كل شىء، لولا أن خفة ظله وسرعة بديهته أسعفته فقال للسادات: "ساعة ما باشوفك بيروح منى الكلام وأنساه" فاستغرق الرئيس الراحل فى الضحك، رغم أنه كان قليل الضحك ونادر الابتسام.

6598790898989
 

ولد محمود إبراهيم إسماعيل موسى بحى الدرب الأحمر بالقاهرة، بدأ حياته نجارا مع والده وظل يعمل معه حتى سن العشرين من عمره ، واكتسب لقب شهرته شكوكو من أبيه الأسطى إبراهيم شكوكو.

ولهذا الاسم قصة طريفة تعود إلى جده، الذى كان يهوى تربية الديوك الرومى، وكانت تصدر صوتا قريب من "شـ شو كو..كو كو كو"، ولما كان محمود خفيف الحركة ويحب الرقص مثل "الديك الرومى"، أطلق عليه جده لقب شكوكو، رغم اعتراض أبيه الذى كان يرغب فى تسميته "محمود"، فكان اسمه المركّب "محمود شكوكو".

565656565677
 

اتجه للفن من خلال الفرق الفنية التى تقدم عروضها من خلال المقاهى التى كانت تواجه محل والده وعمل مع إحدى هذه الفرق من باب الهواية إذ كان يقدم لهم النكت الفكاهية والمواويل الشعبية، ثم ذهب بعد ذلك إلى شارع محمد على وقام بالغناء فى الأفراح مجانا فاكتسب خبرة وذاع صيته وشهرته وبعد افتتاح الإذاعة بعامين وذلك عام 1936 طلبه محمد فتحى بلبل الإذاعة ليغنى فيهاز

عمل شكوكو فى فرقة الكسار مقدما للمنولوج والفكاهات إلى جانب بعض المشاهد التمثيلية ثم التقطته فرقة حسن المليجى وعمل بها، كما انضم إلى فرقة محمد الكحلاوى ومن خلال هذه الفرقة بدأت شهرته تزداد، قدم الفنان شكوكو أكثر من 600 مونولوج قام بتأليف معظمها بالفطرة، إذ أنه كان لا يجيد القراءة والكتابة ، كما قدم لمسرح العرائس شخصية الأراجوز الشهيرة، وهو من أوائل الفنانين الذين عملوا على إنشاء مسرح للعرائس فى مصر بجانب مشاركاته الفنية المتميزة فى العديد من أفلام زمن الفن الجميل، وما زالت الكثير من مونولوجاته باقية لدرجة أن شركة مصر للطيران تخصص إحدى قنوات الإذاعية على متن رحلاتها لمونولوجات محمود شكوكو.

مثل محمود شكوكو في الكثير من أفلام الأبيض والأسود وارتبط بإسماعيل ياسين،حيث اشترك معه كثنائي ، كما شارك فى بعض الأفلام الملونة فى آواخر أيامه بأدوار ثانوية، وأبرز أفلامه هو دوره فى فيلم عنتر ولبلب الذى لعب بطولته مع سراج منير.

كانت أول أفلام الفنان محمود شكوكو هو فيلم "أحب البلدى" من إخراج المخرج الكبير السينمائى حسين فوزى وكان هذا الفيلم من بطولة الفنان الكبير أنور وجدى وتحية كاريوكا وعبد الفتاح القصرى وسامية رشدى وفرج النحاس وزوزو شكيب ومختار حسين ومحمود المليجى وغيرهم من نجوم آخرين وعرض فى السينما المصرية يوم 2 من مايو عام 1945 .

وأول بطولة قدمها الفنان محمود شكوكو فى السينما المصرية كانت في فيلم البنى آدم مع النجمة الكبيرة سامية جمال وإسماعيل يس وبشارة واكيم ولطفى الحكيم وفردوس محمد وإخراج المخرج الكبير نيازى مصطفى وعرض فى السينما المصرية سنة 1945م ثم قدم مجموعة أخرى من الأفلام وصل عددها إلى أكثر من 100 فيلم.

الفنان محمود شكوكو له مسرحية مصورة وتذاع على الفضائيات المختلفة وهى مسرحية "الزيارة انتهت" بطولة شويكار وعبد الله فرغلى وأحمد راتب وعلى الغندور وأحمد عقل ومحمد جبريل وفاروق فلوكس وآمال شريف وماهر سليم ومحمد البشارى وإخراج المخرج الكبير سمير العصفورى وقدمت على المسرح المصرى فى عام 1983م وهى آخر أعمال الفنان محمود شكوكو على المسرح المصرى وقد استطاع  شكوكو أن يصل إلى الناس بصنعته فى فن الكوميديا المعبرة عن بساطة الشارع، وطيبة الإنسان المصرى بأسلوبه السهل الممتنع، حتى أصبح صاحب مدرسة كوميدية لاتزال باقية فى وجداننا رغم مرور سنوات طويلة على وفاته فى 21 فبراير 1985.

4765673777

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر