«انطولوجيا العيطة» رحلة فى ملكوت الموروث المغاربى

العيطة العيطة
 
مصطفى فاروق

ما امتد فى جذورالأرض لا يندثر، ومهما اندفنت بذوره تحت وطأة طيات الزمن سيأتى يوم ويزهر من جديد، بقطرات مطر تقاذفتها سحابة عابرة بعد حين، فتحت بساط الصحارى جنات أتلفها الهوى، لتأتى ريح عاتية تكشف عن سحرها المذبول، فتلك الجذور تبقى صامدة مهما غبر عليها الزمان بنسيانه، فما بالك وإن كانت تلك الأصول الممتدة "موسيقى"، وتراث شعبى، يتسلمه جيل بعد جيل، يُحفَر فى ذاكرة الأذهان نابعًا من القلب، لا ينسى مهما تكاثرت الأجيال، فـ"التراث" يبقى تراثًا ويستقطب قيمته بمرور السنين.

e

ربما تكون "دخلة" عميقة فى تفاصيلها قليلاً، ولكنها تلخص بمفاهيمها تلك الحالة التى جسدها فن "العيطة" فى بلاد المغرب، أحد أقدم تراثيات المغاربة، مزج بين روح الحكى وجرأة تجسيد الواقع فى مواريث يتغنى بها، فن شعبى أصيل أطلق عليه موروث الشيوخ والشيخات، ألقاب بمفهوم هذه البلاد تجسد معانى "المطرب الشعبى القديم"، فن ربما عفى عليه الزمن، إذ يمتد لعقود طويلة، وكان رموزه الأصليون مهددين بالدخول تحت وطأة النسيان، حتى نبتت بذرة "مشروع متكامل" فى أذهان أحد عشاق هذه الفنون القديمة، ليقرر إعادة إحيائها بشكل موسيقى عصرى، وجمع إكسير خلاصتها فى كتاب مسموع.

o

ذلك ما حققه مشروع "انطولوجيا العيطة"، رحلة مقروءة ومسموعة فى ملكوت فنون العيطة والموروثات الشعبية فى بلاد المغرب، فى محاولة جادة وناجحة لتجميع ذلك التراث الأصيل  المتناثر عبر البلاد، والمعروف بأغنيات ومواريث الشيوخ والشيخات فى "إكسير" واحد، بجمع  أبرز رواده من مختلف ربوع المغرب، وإعادة تسجيل الأعمال بشكل احترافى وموثق وحفظه للأبد فى كتاب تفصيلى، أقرب لمخطوطة أثرية عصرية، مرفق بعشر أسطوانات غنائية تجمع أكثر من 70 عملاً مختلفًا، مزجت خبرة أكثر من 200 شيخًا وشيخة من رموز الفن الشعبى القديم، منهم مَنْ تخطت أعمارهم الثمانين.

Brahim-EL-Mazned

ويعد ذلك مشروع العمر، إن جاز وصفه بذلك، بالنسبة إلى "المزند" أحد أبرز حاملى رايات الموسيقى فى الشرق الأوسط، بإدارة أشهر مهرجاناتها الفنية آخرها ابتداعه مهرجان فيزا فور ميوزيك، أكبر الكرنفالات الموسيقية السنوية فى المغرب، والذى شهد فى نسخته الرابعة بنوفمبر الماضى 54 حفلة خلال أربعة أيام، جمعت مئات الفنانين ورواد المجال الموسيقى العالمى من مختلف دول الشرق الأوسط والقارة السمراء امتدادا لأوروبا وأقاصى آسيا، حيث قرر إعادة إحياء ذلك التراث الأصيل وتقديمه بشكل سماعى ومرئى، ويبدأ أولى حفلات إطلاقه للجمهور بشكل رسمى من عاصمة النور الفرنسية باريس، بحفل كبير يستقبله مسرح معهد العالم العربى فى السابعة مساء الخميس المقبل، ومنه يبدأ مشواره فى عمق القارة العجوز ودهاليز العالم العربى.

71005-28510857_1835238149840727_2062826395_n

 
AITA-2
 
 
105773-28459312_1835238243174051_298576871_n
 

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر