إلهام المدفعى: السياسة عرقلت مسيرتى الفنية وتأثرت بصوت عبدالباسط عبدالصمد

إلهام المدفعى إلهام المدفعى
 
لميس محمد
 
إلهام المدفعى، قامة غنائية كبيرة، وفنان أصيل له تاريخ كبير على مدى السنوات الماضية التى أمتع فيها جمهوره بصوته العذب وأغانيه التى لا يزال يتغنى بها الكثير من المستمعين والمطربين الآخرين.
 
 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (8)
 
ولد إلهام المدفعى عام 1942 فى بغداد بالعراق، وبدأ حبه وشغفه لآلة الجيتار فى سن الثانية عشرة، وانتقل إلى إنجلترا لدراسة الهندسة، ولكن حبه وشغفه بالموسيقى لم يتوقف عند هذه النقطة، حيث شارك فى الغناء مع فرقة موسيقية فى البيت البغدادى بلندن، وعند عودته إلى بغداد فى 1967 أنشأ فرقة موسيقية فى العراق عرفت باسم الأعاصير أو The Twisters.
 
المدفعى له الكثير من الأغانى التى نجحت فى ترك بصمة فى عالم الموسيقى منها «بين العصر والمغرب، خطار عدنه الفرح، مالى شغل بالسوق، فوق النخل، بنت الشلبية، دشداشة وشلشل»، وإلى الآن يسعى العديد من المطربين فى الوطن العربى إلى إعادة غناء بعض من أغانيه.
 
«عين» استضاف المطرب والموسيقار الكبير فى ندوة تحدث فيها عن الأحوال الموسيقية فى الوطن العربى ومصر تحديدا، وقام بسرد بعض التفاصيل عن حياته الشخصية. 
 
 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (1)
 
فى البداية نود أن نعرف بمن تأثرت فى بداياتك الفنية؟
 
- تأثرت فى الصغر بالمقرئ عبدالباسط عبدالصمد، وظل هذا الصوت هو المميز بالنسبة لى، وكان التأثر الأكبر بالنسبة لى بلبنان ومدارس لبنان الموسيقية، بحكم زياراتى الكثيرة لها، والحقيقة أنه فى الألفية الجديدة حدث هبوط فى مستوى الموسيقيين عموما، خاصة مع اختفاء الآلات الموسيقية التى لها دور كبير فى إنشاء الموسيقى المختلفة، وظهور الموسيقى الإلكترونية والتى لا تقارن بها، حيث إنها أزرار إلكترونية، حيث تحول الأمر إلى هندسة الموسيقى والتى تحتاج إلى مبدع، خاصة مع وجود الآلات الموسيقية التى لا يمكن تعويض صوتها بغيرها، مثل الأوكارديون، كما توجد العديد من الآلات التى أتأثر بها مثل القانون، والربابة التى استمعت إليها أثناء وجودى فى منطقة الحسين وتأثرت بها كثيرا.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (5)

وكيف ترى حال الموسيقى فى مصر؟

- الحالة الموسيقية فى مصر بها نهضة كبيرة، ولها مستقبل كبير، والدليل على ذلك هو تأثر العالم بالموسيقى المصرية، حيث يأتى الكثير من حول العالم إلى مصر ليتمكنوا من تعلم اللغة العربية، ودراسة الموسيقى المصرية، وعند التمعن فى التراث الموسيقى المصرى تجد أن هنالك أكثر من جيل أو مرحلة مرت، وكل منها لها أثرها وبصمتها الخاصة. 

وأنا أؤكد ثقافة الموسيقيين فى مصر، فالمغنون الشباب فى مصر يستطيعون أن يصنعوا موسيقى مثل الموجودة فى أمريكا، وهو أمر يحسب لهم.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (2)

يعد هذا رأيا متفائلا، خاصة أن هناك البعض من داخل مصر يصرخون بأن الوضع الموسيقى والغنائى متردٍّ.. فما تعليقك؟

- الجمهور الحكم الأساسى الذى يرفع المواهب التى تظهر على الساحة الغنائية المصرية، ويوجد بمصر أفضل استوديوهات، والمطربون المصريون من أهم المطربين الذى أستمع إليهم باستمرار مثل محمد منير، ومن العالمى عمر خيرت الذى لا يوجد منه اثنان فى العالم، حتى لو استطاع أحد تقليده فلن يستطيع أن يأخذ مكانه.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (7)

هل فكرت من قبل فى التعاون مع مطرب أو مطربة مصرية فى عمل كبير؟

- حاولت فى بداية مشوارى الفنى، وأتيت عددا من المرات إلى مصر، وكان هناك تواصل مع صديقى المخرج والمؤلف الراحل رضوان الكاشف، والذى كان رحيله كارثة بالنسبة لى، وإلى الآن أحب أن أزور الأماكن التى تحمل لى الذكريات فى مصر، ولذلك كل شىء ممكن أن يحدث.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (3)

وما حقيقة تعاونك مع الكينج محمد منير؟

- لم يحدث أى اتفاق أو تعاقد رسمى حول الموضوع، بيننا تشابه ولكن يظل لكل منا لون خاص به.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (4)

كنت أول من أسس فرقة موسيقية عراقية حملت اسم «The Twisters» فهل فكرت فى التعاون مع إحدى الفرق الجديدة التى أصبحت منتشرة مؤخرا؟

- لا، لم أفكر فى ذلك، ففى بداياتى كان إنشاء الفرقة ليس سهلا، وكنت حريصا على أن أعتمد على الآلة الشرقية، كما أنى اعتمدت على أسلوب جديد وقتها وهو الارتجال فى موسيقى الجاز، بنفس حدود النوتة الموسيقية، واعتادت فرقتى على ذلك فى الحفلات، وينتظر العازفون فى الفرقة إشارتى ليبدأوا ارتجالهم فى تناغم مع الآخرين، وتدربنا عليها أثناء التحضيرات، خاصة أننا فرقة كبيرة، وبالرغم من أن الوضع فى البلاد لم يكن مستقرا فإننا كنا نعمل بشكل يومى.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (6)

لماذا تركت العراق واتجهت إلى الأردن خاصة أن وضع الموسيقى هناك وقتها لم يكن أفضل حالا منه فى العراق؟

- الظروف السياسية فى العراق تحكمت فينا، وكانت هناك مواجهات لمنعى فى فترة من الفترات، ولكن الأمر لم ينجح، فأنا من أوائل الأشخاص الذين يعزفون جيتار فى العراق، ومررت بمراحل طويلة ولكن لم يكن يوجد إنتاج وقتها، فى فترة الستينيات سافرت إلى الكويت عن طريق الصدفة وبدأت الطريق من هناك، وكنا نقوم بتقليد الفرق الأخرى مثل Beatles، ولكن بإيقاعات وأغان شرقية.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (9)

أغنية فوق النخل لاتزال تعيش بيننا حتى الآن.. فكيف جاءت تلك الأغنية؟- قدمنا أغنية «فوق النخل» فى بغداد لأول مرة ولم يتفاعل معها الجمهور، خاصة أن الجمهور فى العراق من النوع المحافظ الذى لا يقبل التغيير سريعا، والأغنية وقتها كانت سابقة لعصرها، وكان أول من غنى هذه الأغنية فى مصر هو المطرب نسيم مراد عم المطربة ليلى مراد، وهو يهودى عراقى، ومن المجموعة التى معه صالح الكويتى، وداود الكويتى وكانوا مختصين فى هذا النوع من الأغانى، لذلك انتشرت هذه الأغنية فى مصر انتشارا واسعا، وحقيقة بعد رفض الأغنية فى العراق، وعدم تحقيق صدى مثلما حدث فى مصر قررت منذ هذه اللحظة أننى سأغير الخريطة الموسيقية فى العراق، وبدأت بالفعل، وواجهت العديد من المشاكل وكان منها منعى من السفر خارج البلاد، ولكن مع ذلك كنت واثقا من عملى، واتجهت بعدها إلى الأردن، وحصلت على الجنسية الأردنية، وبدأت حياتى فى الاستقرار، والوصول إلى هدفى.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (10)

ولماذا حرصت على استكمال دراستك فى الخارج؟

- واجهت العديد من المشاكل بسبب الأوضاع السياسية فى البلاد العربية التى انعكست على حياتنا، وعندما سافرت كانت هناك أصداء لتلك الأوضاع، حيث كانت بعض المحلات تعلق لوحة مكتوبا عليها «ممنوع دخول العرب والكلاب»، ولكنى استكملت دراستى بصعوبة فأنا لم أدرس الموسيقى فى العراق، ولكنى كنت محبا لها، وفى طفولتى وصلنى الجيتار كهدية فى الصف السادس الابتدائى، وقررت أن أتعلم العزف عليه بمفردى دون مساعدة من أحد، ولكن من قبل تلقى الجيتار كنت قد قمت بعمل عود بدائى الصنع فى المنزل، وخصصت منطقة لأتمكن من اللعب بمفردى، وكان أخى يراقبنى وأنا أتدرب فى المنزل، ولكن مع الوقت تعلمت «دوزنة» الأوتار وغيرها من الأساسيات، وبدأت بمشاهدة العديد من الأشخاص الذين يعزفون على الجيتار، ولكن أكثر من أثر بى هو شخص يدعى «رياض»، عازف وصديق مقرب.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (11)

هل تتابع الحركة الموسيقية فى العراق هذه الفترة؟

- الوضع الموسيقى فى العراق أصبح كارثيا.. وهنالك تدن واضح فى المستوى الموسيقى، وبالتأكيد سيأتى يوم وتعود الأجواء إلى حالها الطبيعى، ولكن على الرغم من ذلك هم الآن لديهم العديد من المقومات التى لم تكن موجودة قبل عام 2003.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (12)

هل فكرت من قبل فى الاشتراك فى برنامج لاكتشاف وتنمية المواهب فى العراق كعضو لجنة تحكيم؟

- بالتأكيد فكرت فى ذلك، ولكن لم تتح أى فرصة، بالإضافة إلى ذلك أنه فى العراق الأمر مستحيل، العراق بالرغم من وجود الشعر والشعراء بغزارة منذ أيام المتنبى إلى يومنا هذا، لكن لا يوجد أى شخص مهتم بهذا الموضوع، بالإضافة إلى الحظر الذى كان مفروضا على الجميع.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (13)

هل السياسة عطلت مشوار إلهام المدفعى فى فترة من الفترات؟

- مائة بالمائة السياسة تسببت فى تعطيل مشوارى الفنى، خاصة فى فترة حكم الرئيس الراحل صدام حسين، بسبب القواعد التى كانت تفرض علينا، ولكن لبنان كانت منفذا أساسيا للمغنين العراقيين، بسبب وجود العديد من البرامج الغنائية مثل «يا ليل يا عين» وغيره، وبالتالى سلط الضوء على لبنان.

 

 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (14)

هل تنوى طرح قصيدة جديدة من قصائد «أبوالقاسم الشابى» كأغنية؟

- أنا أعرف أبوالقاسم الشابى منذ أيام المدرسة وهو شاعر صوفى، حيث كانت له قصيدة شهيرة مقررة علينا تقول فى بعض أبياتها «إذا الشعب يوما أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب القدر، ولا بد لليل أن ينجلى ولابد للقيد أن ينكسر»، وقدمت له خمس أغان، وأنوى تقديم «الصباح الجديد» قريبا، ومن المقرر أن أقوم بتسجيلها فى أحد استوديوهات مصر، كما أن هنالك تعاونا مع مخرجين شباب ليتم تصويرها فيديو كليب.


من الذى أطلق عليك لقب «صوت العراق فى الخارج»؟
 
- أطلقته الصحافة البريطانية، بسبب أن أهم حفلاتى كانت تلك التى قمت بها فى حياتى «Albert Hall»، كانت من ضمن برنامج الـProms، التى أخذت منها خبرة كبيرة، وحتى الآلات التى كانت تستخدم فى الحفلات منذ عام 1895، وكانت الصحافة العراقية والأردنية تعتقد أنه مطعم وليس مسرحا، وقبلها كنت أؤدى حفلات فى مهرجان glastonbury بغرب لندن، ويحضرها حوالى 150 ألف شخص على مدى أربعة أيام، وتم ترشيح أغنية «شلشل على الرمان» إلى جائزة الـ3 BBC فى عامى الـ2005 و2006.

أغنية «موطنى» من أهم الأغانى التى قمت بغنائها والتى يقوم بإعادة غنائها العديد من المغنين من حول العالم، وآخرهم المغنية «إليسا» التى أصدرتها بشكل رسمى فى آخر ألبوماتها؟
 
- أنا أول من غناها بسبب ظروف العراق عام 2003، بعد أن انتهيت من مهرجان فى بيروت، قررت أن أقوم بغنائها بمفردى بصحبة الجيتار، وحاليا هى السلام الجمهورى العراقى، وهو نشيد حماسى، من وضع الشاعر الفلسطينى إبراهيم طوقان، ومن تلحين الأخوان فليفل، اللذين قاما بتلحين العديد من الأغانى الأخرى التى كنا نقوم بغنائها فى المدارس، وقامت إليسا بتحويله إلى أغنية حزينة.
 
 
 إلهام المدفعى فى ندوة «اليوم السابع» (15)

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر