فردوس عبد الحميد تستعيد ذكرياتها مع دور زوجة جمال عبد الناصر

فردوس عبد الحميد فى دور تحية كاظم فردوس عبد الحميد فى دور تحية كاظم
 
حوار أحمد عرفة
من منا لا يعرف دور "تحية كاظم" فى فيلم "ناصر 56"، فرغم صغر الدور الذى قدمته الفنانة فردوس عبد الحميد، فى هذا الفيلم عندما أدت دور زوجة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إلا أنها استطاعت أن تكسب بيه قلوب المصريين، وتظهر وكأنها كانت بالفعل زوجة الرئيس الراحل، وأظهرت من خلال هذا الدور العديد من الصفات الشخصية لزوجة "عبد الناصر".

بالتأكيد قبل أن تؤدى الفنانة فردوس عبد الحميد، هذا الدور العظيم، قرأت الكثير من الكتب والمعلومات حول الرئيس الراحل وزوجته، واطلعت على الكثير من الوثائق، بل والتقت أسرة الرئيس الراحل، كى تتمكن من أداء هذا الدور بهذا الشكل المتقن الذى ظهر به.

"عين"، أجرت حوارا مع الفنانة فردوس عبد الحميد، للحديث حول كواليس الحياة الشخصية لزوجة الرئيس الراحل، وأخبرناها بالخطابات والوثائق الخاصة، لتكشف لنا العديد من الكواليس الخاصة بحياة الرئيس الراحل وزوجته وأسرته، وإليكم نص الحوار..

- تحية حنونة وموفرة ولا علاقة لها بالسياسة وكانت مثقفة وتذهب للسينما والمسرح.. واختارت البعد عن الإعلام تماما

أكثر من ربع القرن قضتها تحية كاظم فى صحبة جمال عبد الناصر، أثمرت خمسة أبناء، وكثيرا من التفاصيل والخطابات والمشاعر والهموم المشتركة، ومذكرات كتبتها الزوجة بعد ترملها، مستعيدة مشاهد الحب والعشرة منذ فترة الخطوبة فى أوائل الأربعينيات، حتى الرحيل المباغت فى سبتمبر 1970.

مذكرات زوجة الرئيس الراحل يمكن الوصول إليها، وقراءة شهادة السيدة الأولى على عمر كامل مع الزعيم، لكن ما لا يمكن استكشافه والوقوع عليه ببصيرة وعمق، هى المشاعر والأحاسيس التى سكنت قلبها وتبدلت على ملامحها فى كل موقف أو حكاية ترويها، وهو ما تعرفت عليه الفنانة الكبيرة فردوس عبدالحميد من لقاءاتها بالدكتورة هدى عبدالناصر للحديث عن والدتها، ومن معايشة فردوس لـ«تحية» بشكل مباشر فى جولة فنية ممتعة على شرف «ناصر 56».
 
كثير من التفاصيل التى اطلعت عليها فردوس عبدالحميد خلال التحضير لفيلم ناصر 56 ودور زوجة الرئيس الذى لعبته باقتدار فى ستة مشاهد فقط، وعن هذه التفاصيل وغيرها مما قرأته وسمعته من أسرة الرئيس الراحل والمؤرخين والباحثين، كان لنا معها هذا الحوار.
 
فى البداية.. هل كنت تعرفين شيئا عن زوجة عبدالناصر قبل الفيلم؟
 
- لم أكن أعرف أى شىء عنها، إذ لم تكن منتشرة أو دائمة الظهور والمشاركة فى الفعاليات والمناسبات العامة، ولم يكن متاحا رؤيتها إلا فى المناسبات، التى يتعين أن تظهر فيها بجانب الرئيس، مثل اللقاءات البروتوكولية، التى تحضرها زوجات الضيوف وزعماء الدول الأخرى، فقد كانت شخصية متحفظة، ولا تحب أن يعرف الناس شيئا عنها، ومن هنا جاءت صعوبة تجسيد دورها فى فيلم ناصر 56، فأى فنان يجب أن يعرف كثيرا من المعلومات عن الشخصية، التى سيجسدها، وهو ما لم يكن متاحا بوفرة فى حالة السيدة تحية عبد الناصر.
 
723661_0
 
وماذا فعلت للاقتراب من الشخصية والتعرف على دقائقها؟
 
- قرأت كل ما كُتبت عنها، وكل الدراسات والكتب التى تناولت حياة الرئيس جمال عبد الناصر، فكما قلت لم أكن أعرف شيئا عنها، وبالتالى كنت أبحث بنهم وفى كل المصادر المتاحة، حتى أوفر الحد اللازم من المعرفة الكافية لأداء الدور.
 
هل اطلعت على معلومات مدهشة أو لم تكن متوقعة بالنسبة لك؟
 
- التقيت طباخ الرئيس عبد الناصر وعرفت منه بعض المعلومات والتفاصيل المدهشة، فقد قال لى إن السيدة تحية لم تكن تحس بمكانتها الحقيقية وأنها زوجة رئيس جمهورية، فمثلا عندما كان يطبخ صنفا معينا ويكون لديهم ضيوف، ويطلب الضيف صنفا آخر، تقول له: «روح هات نص كيلو سمك»، فقد كانت تعتبر نفسها «ست بيت»، بينما قال الطباخ «كنت بتحرج أروح لمحل السمك أقول له هات نص كيلو وهو عارف إنى طباخ الرئيس».
 
هل يعنى هذا أن تحية عبدالناصر لم تكن تعيش كسيدة أولى؟
 
- لم تشعر السيدة تحية أنها سيدة أولى قط، فكانت تُفصّل ملابس أبنائها بنفسها ولا تشتريها، وتدير شؤون منزلها وتدبر احتياجاته ونفقاته، كانت تحية بسيطة وهادئة وحنونة وعاطفية.
 
ولماذا لم تكن تظهر بشكل متكرر خلال فترة حكم عبدالناصر؟
 
- فى البداية كنت أعتقد أنه ليس لديها أى نشاط، ولكن بالاطلاع والقراءة اكتشفت خطأ هذا الاعتقاد، وفى الحقيقة كانت لها أنشطة عديدة، ولكن بعيدا عن الإعلام، فمثلا وأنا أعمل فى مسرح البالون اكتشفت أنها كانت تداوم على حضور مسرحيات الفنون الشعبية، وتصطحب صديقاتها معها، ولم يكن الجمهور فى المسرح يلحظ وجودها، فقد كانت تحب الثقافة وتذهب لمشاهدة الأفلام فى السينما، لكن دون حراسة أو ترتيبات خاصة.
 
 
hussein-tallal-(37)
 
وماذا عن الحياة العاطفية بين عبدالناصر وتحية؟
 
- كان جمال يحب زوجته جدا، والأمر يرتبط بيتمه المبكر، ففقد والدته ولم يشعر بالدفء مع زوجة أبيه، لهذا كانت زوجته التعويض المباشر عن هذا الفقد، ورغم محبة تحية إلا أن سنوات اليُتم تركت أثرها عليه، فجعلت صلبا وجاد الملامح، وهو ما منحه قدرا من الهيبة والصرامة لا يمكن تجاهله، وأذكر أن حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمى قال لى إنه التقى عبدالناصر إبان دراسته بالقاهرة فى ستينيات القرن الماضى، لكنه لم يستطع النظر فى عينيه من شدة هيبته، وأذكر وأنا فى الخامسة من عمرى، وكان الرئيس الراحل يمر من شبرا بصحبة أحد الضيوف الدوليين فى سيارة مكشوفة، وكنت مع والدتى وسط المحتشدين لتحية الرئيس، عينى جت فى عينه فوجهت وجهى للأرض من شدة هيبة الرئيس، لكن رغم هذه الهيبة كان متعطشا للحنان بسبب أثر اليتم، لهذا كان حنونا ومحبا لزوجته، وكان رومانسيا فى التعامل معها.
 
وهل كانت السيدة تحية كاظم رومانسية أيضا؟
 
- حياة عبدالناصر وتحية كانت رومانسية للغاية، ونجحت السيدة تحية فى احتضان عبدالناصر واحتوائه، خاصة أنه فقد والدته مبكرا، لكن زوجته عوضت هذا الدور باهتمامها ومحبتها له، فقد كانت تحية حنونة للغاية، ولم تنقطع خطاباتها له طوال فترة حرب فلسطين.
 
ما أبرز وثائق ناصر التى اطلعت عليها خلال التحضير للفيلم؟
 
- خلال التحضير للفيلم كان لدينا صندوق كبير يضم وثائق وخطابات نادرة، ومعلومات كثيرة عن جمال عبدالناصر وعائلته، ومن هذه الوثائق اكتشفنا مثلا أنه كان يداوم على كتابة خطاب لعائلته وأفراد أسرته كل ثلاثة أيام، لأنه كان اجتماعيا ويريد أن يشعر دائما بأن له عائلة وأهلا يسأل عنهم ويسألون عنه، وقد اطلعت بنفسى على أحد خطاباته لابنته منى، يقول فيه: «معلش يا منى مش هقدر أجيب لك اللى قلت لك عليه عشان الفلوس ما كفتش».
 
وكيف كانت علاقة الرئيس الراحل بعائلته؟
 
- كان عبدالناصر شديد الود والمحبة لعائلته، وحريصا على التواصل الدائم معهم، ورعاية شؤونهم، وكانوا دائمى السؤال والزيارة لبعضهم.
 
وماذا عن علاقة تحية بالعائلة؟
 
- كانت ودودة تجاه عائلة الرئيس، وتحتضن أشقاءه وترعاهم، وهذا ليس غريبا على أم مصرية فى تلك الفترة، كانت تحية تتابع أوضاع والده الصحية، وتشرف على دراسة أشقائه وامتحاناتهم، وتؤدى دور زوجها كاملا خلال غيابه فى حرب فلسطين، فكانت تتواصل مع الأسرة فى المناسبات الاجتماعية، وتؤدى واجب العزاء بدلا من زوجها.
 
هل وصلتك انطباعات من الأسرة عقب عرض الفيلم؟
 
- قالت لى هدى جمال عبدالناصر بعد العرض الخاص للفيلم: «إزاى عرفتى تجيبى نظرة أمى»، كانت الجملة غريبة ومفاجئة، لكنها كانت مشجعة ومرضية لى جدا، إذ أكدت لى أننى وصلت إلى عمق الشخصية بشكل حقيقى أنتج هذه الشهادة التى أعتز بها لأنها صدرت من ابنة السيدة تحية وإحدى أكثر الناس اقترابا منها.
 
وما شعورك الشخصى تجاه زوجة الرئيس الراحل؟
 
- من معرفتى لشخصية السيدة تحية والمعلومات التى وصلت إليها، يمكن القول إننى أحترمها وأحبها جدا، فقد كانت زوجة زعيم كبير، وأدت دورها معه بكل صدق وود ومحبة، فهى سيدة يحترمها الشعب المصرى بكامله، خاصة أنها كانت فى موضع تتمنى كل سيدة أن تكون فيه.
 
كيف تصفين شعورك عند عرض الدور عليك للمرة الأولى؟
 
- عندما تلقيت العرض «اتخضيت» وشعرت بالرهبة، لأنها مسؤولية كبيرة، ورغم أن الدور كان 6 مشاهد فقط ولم يكن كبيرا، إلا أنه يتعين علىّ أن أذاكر الشخصية وأؤديها بشكل صحيح، وحتى أستحضر روح شخصية بحجم زوجة الرئيس الراحل كان الأمر صعبا، فقرأت عن الرئيس وزوجته والعائلة كلها، وكنت أتلقف أى خبر أو معلومة عنهم، وأشحن طاقتى وأشحذ همومى حتى أصل لعمق الشخصية وألعبها بأفضل صورة ممكنة.
 
كتب عبدالناصر لعمه خلال حرب فلسطين ولم يكتب لوالده.. هل لديك تفسير؟
 
- أعرف أنه لم يكن يكتب لوالده فى هذه الفترة، والاحتمال أن تكون العلاقات متوترة فى هذه الفترة بسبب زوجة أبيه، إذ لم تكن تحبه، وكان على خلاف معها، لذلك عاش وقضى طفولته فى منزل عمه بالقاهرة.
 
هل التقيت زوجة الرئيس الراحل أو أحدا من الأسرة؟
 
- للأسف لم ألتق السيدة تحية عبدالناصر، ولكن التقيت الدكتورة هدى ابنة الزعيم الراحل، وتعرفت منها على معلومات مهمة عن والدتها، وكانت مفتاحا مهما لى لأداء الشخصية.
 
وهل اطلعت على مذكرات السيدة تحية عبدالناصر؟
 
- لم أعلم شيئا عن هذه المذكرات. كنا قبل تصوير الفيلم نبحث عن كل المعلومات والتفاصيل الخاصة بالرئيس الراحل وأسرته، ولكن لم نعلم أن زوجته كتبت مذكراتها، ولم نصل إلى هذه المذكرات.
 
p.6-7

 

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر