من «أغنية على الممر» إلى «الممر».. لماذا اختفى الفيلم الحربى لسنوات؟

فيلم الممر فيلم الممر
 
محمد مجدى السيد

بعد النجاح الكبير الذى حققه فيلم "الممر" سينمائيا وعند عرضة تلفزيونيا، لماذا اختفى الفيلم الحربى لسنوات رغم أن تاريخ العسكرية المصرية غنى بقصص البطولات التى يمكن معالجتها سينمائيا لكى تخلد هذه البطولات لأجيال قادمة بأفلام سينمائية.

فالسينما المصرية هى الرائدة فى المنطقة العربية فمتوسط إنتاجها سنويا بين الـ30 و40 فيلما اختفى تماما منها الفيلم الحربى فيراه المنتجون مغامرة بسبب تكلفته الإنتاجية الضخمة ولكن هذا ليس سببا مقنعا لابتعادهم عن الفيلم الحربى فبالرغم من الميزانية الضخمة إلا أنه يحقق نجاحا جماهيريا كبيرا عند العرض فيغطى تكلفته بل يحقق إيرادات تتجاوز تكلفته أيضا مثل فيلم الممر الذى عرض هذا العام ليعيد الفيلم الحربى على الخريطة السينمائية مرة جديدة.

"الممر" يعيد الحياة إلى الفيلم الحربى

فيلم الممر إخراج شريف عرفة وإنتاج هشام عبد الخالق وبطولة أحمد عز وإياد نصار وهند صبرى ومجموعة كبيرة من الفنانين أعاد الحياة إلى الفيلم الحربى مرة أخرى بعد آخر محاولة عام 2004 بفيلم "يوم الكرامة" من بطولة نفس البطل أيضا أحمد عز لكنه لم يكن على نفس المستوى الفنى والإنتاجى الضخم لفيلم الممر لتتوقف السينما المصرية بعده تماما عن إنتاج الأفلام الحربية لمده تجاوزت خمسة عشرا عاما ليأتى فيلم الممر ليعيد الفيلم الحربى بمغامرة كبيرة تبدأ من منتج الفيلم هشام عبد الخالق وعرض الفيلم لأول مرة فى موسم عيد الفطر ٢٠١٩ وهو موسم يشتهر بالأفلام الكوميدية الخفيفة فيأتى الممر متصدرا ويحقق إيرادات تجاوزت 70 مليون جنيه ليحجز مكانا متقدما فى قائمة أعلى الأفلام تحقيقا للإيرادات فى تاريخ السينما المصرية ويحقق المعادلة الصعبة فى أن يجتمع شباك التذاكر والنقاد أيضا فى الإشادة بنجاح الفيلم بكل مستوياته الفنية وعند العرض التلفزيونى يحقق نجاحا أكبر فاستطاع الفيلم عند عرضه فى ذكرى انتصارات أكتوبر هذا العام أن يجعل مصر بأكملها تتحدث عنه فكانت المقاهى كامل العدد فى توقيت عرض الفيلم وهذا المشهد اعتدنا رؤيته فى المباريات الكروية لكنها ظاهرة نادرة أن يجتمع اغلب المصريين لمشاهدة فيلم سينمائى، وتدور أحداث الفيلم عن الصراع العربى الإسرائيلى فى الفترة من حرب 1967 حتى حرب الاستنزاف من خلال بطولات سلاح قوات الصاعقة المصرية.

وقد قدمت السينما المصرية قبل فيلم الممر مجموعة من الأفلام الحربية والوطنية على فترات زمنية متباعدة لكنها مازالت خالدة فى أذهان المصريين ولا نجد مناسبة وطنية إلا وتعرض فيها هذه الأفلام ومن أشهرها..

 

"أغنية على الممر"

فيلم "أغنية على الممر" بطولة الفنان الراحل محمود مرسى من اشهر الأفلام الحربية التى قدمت فى السينما المصرية رغم قلة عرضة مقارنة مع الأفلام الحربية الاخرى ويتحدث الفيلم عن فترة حرب ٦٧ من خلال خمس جنود مصريين يتم احتجازهم من قبل العدو فى إحدى الممرات بالصحراء ويفقدوا التواصل مع العالم الخارجى بعد انقطاع إرسال الجهاز اللاسلكى ويتعمق الفيلم فى احلام كل جندى من الجنود الخمس فكل منهم له حلم خاص لا يتشابه مع الآخر وكل منهم جاء من مكان مختلف عن الاخر إلا أن حب الوطن جمعهم على هدف واحد وكتب الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودى الاشعار للأغنية الشهيرة التى مازالت يتذكرها الجميع حتى اليوم تعيشى يا ضحكة مصر وتقول كلماتها "ابكي.. انزف.. اموت وتعيشى يا ضحكة مصر استطاع من خلالها نقل مشاعر الجنود فى الدفاع عن الارض فى حالة جمعت الوطنية بالشجن وهى حالة شعر بها المصريين جميعا فى تلك الفترة التى يتحدث عنها فيلم قبل اكتوبر ١٩٧٣

 

الطريق إلى إيلات

يعتبر فيلم الطريق إلى إيلات من أنجح الأفلام الحربية ولا يوجد مصرى لم يشاهد هذا الفيلم من اخراج انعام محمد على وبطولة عزت العلايلى ونبيل الحلفاوى وهو ملحمة عسكرية بحرية تجسد بطولات سلاح البحرية المصرية وخطة الوصول إلى ميناء إيلات ودور البحرية المصرية فى الغارات علية وتدميره وعودتهم منتصرين بعد نجاح العملية وكل من شاهد الفيلم كانت تحتبس أنفاسه مع مشاهد صباح يوم العملية ومازالت العديد من مشاهد الفيلم خالدة فى أذهان المصريين كمشهد النهاية الاحتفال بالانتصار.

 

"العمر لحظة"

يتحدث الفيلم عن فترة ما بعد ١٩٦٧ بشكل اجتماعى حربى من خلال شخصية الصحفية نعمت تجسدها الفنانة ماجدة التى تتجه للعمل التطوعى فى احدى المستشفيات العسكرية فتتعرف هناك على مجموعة من مقاتلى قوات الصاعقة المصرية وتكتب عن شجاعتهم وفى مقالاتها الصحفية وتذهب إلى الجبهة لترصد بطولاتهم فى التحرير أثناء حرب اكتوبر واستشهاد عدد كبير من الجنود فيها حتى الانتصار ويعتبر المشهد الأقوى فى الفيلم عندما ذهبت الصحفية نعمت لتغطية حادثة قصف الطيران الإسرائيلى لمدرسة بحر البقر فلن تجد سوى ما تبقى من هؤلاء الاطفال من دماء ومتعلقات شخصية مع أداء مجموعة من كورال الاطفال للأغنية الشهيرة يا بلادى يا بلادى انا بحبك يا بلادى لتعطى تأثيرا أكبر للمشهد.

 

"الرصاصة لا تزال فى جيبى"

بطولة محمود ياسين ونجوى ابراهيم ويتحدث الفيلم عن أحد الجنود المصريين العائد إلى قريته عقب نكسة ١٩٦٧ فى حالة نفسية سيئة فلا يجد الاستقبال المنتظر من أهالى بلدته وكأنه هو سبب الرئيسى للهزيمة حتى يتم قيام حرب أكتوبر فيشترك فيها محمد الذى جسد دورة محمود يس فيتم العبور والتحرير ويعود محمد إلى بلدته مره اخرى ولكن هذه المرة كبطل شارك فى النصر ويلقى الفيلم الضوء على الفترة بين النكسة والنصر وإصرار الجنود على الانتصار.

ويبقى السؤال فى النهاية هل النجاح الكبير الذى حققه فيلم الممر سيعيد الفيلم الحربى مرة أخرى على الخريطة السينمائية وسيشجع هذا النجاح المنتجين لتقديم هذه النوعية من الأفلام من جديد مع رصد ميزانيات تليق بضخامة تلك الأعمال أم سننتظر لسنوات أخرى لنرى فيلم مصرى حربى جديد؟


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر