فى ذكرى ميلاده.. حكايات الشوارع والبشر فى أفلام محمد خان

محمد خان محمد خان
 
زينب عبداللاه

معجون بحب الشوارع والبشر، يستطيع بإحكام أن يعبر عن التفاصيل، ترى فى أفلامه وحكاياته ومشاهده صورة مصر وتسمع فيها صوت البسطاء والمهمشين، يعبر عن قهر النساء ورومانسية الحالمين، عن ميلاد الأحلام أو موتها، عن تغير المجتمع، وحتى عن مشاعر الظالمين، إنه مخرج الواقعية الحالم والحريف والبسيط محمد خان الذى ولد فى مثل هذا اليوم الموافق 26 أكتوبر من عام 1942.

من مثله يستطيع أن يعبر عن "أحلام هند وكاميليا" أو تفاصيل "فتاة المصنع"، أو مشاعر الرومانسية المقهورة لـ"زوجة رجل مهم"، وأن يعود للجذور وجنة البساطة فى "خرج ولم يعد"، ومغامرات وحكايات "بنات وسط البلد" وأحلام الفتيات الحالمات "فى شقة مصر الجديدة"، وأن يصف كل التغيرات التى حدثت فى المجتمع المصرى بمشاهد رمزية معبرة بكل هذه القدرة التى حملها أول أفلامه الروائية الطويلة "ضربة شمس"، فيتحمس له الفنان الكبير نور الشريف لدرجة أن قام بإنتاج الفيلم، ويقوم ببطولته فى هذا الفيلم، وجسد خان فى الفيلم كل تفاصيل التغيرات فى الشارع المصرى، وخرج متجولا بالكاميرا فى شوارع القاهرة، ونجح الفيلم نجاحا جماهيريًا وسينمائيًا كبيرا، وحصد العديد من الجوائز.

ولد خان لأب من أصل باكستانى وأم مصرية من أصول بريطانية، وكان والده رئيس الجالية الباكستانية فى مصر ويعمل فى تجارة الشاى بالجملة، وكان يسكن فى حى مليء بالسينمات الصيفية، فعشق السينما ومشاهدها وتفاصيلها منذ الطفولة، وظهرت لديه موهبة التأليف، كان يكتب القصة ويجمع رفاقه ليروى لهم ما كتب.

سافر خان مع عائلته إلى لندن عام 1956، والتحق بالجامعة لدراسة الهندسة المعمارية، إلا أنه بعد فترة اكتشف شغفه بعالم السينما، فترك الهندسة، والتحق بمعهد السينما فى لندن، وتابع السينما العالمية فى الستينات، ومدارس النقد السينمائى المختلفة، وأنهى دراسته بمعهد السينما بلندن عام 1963، وعاد للقاهرة ليعمل لمدة عام مع صلاح أبو سيف، ثم غادر إلى بيروت ليعمل مساعد مخرج، وقضى خان هذه الفترة ما بين القاهرة، لندن، بيروت، حتى استقر بالقاهرة، وبدأت رحلته السينمائية مع رفيق طفولته مدير التصوير سعيد شيمي.

وكون خان مع مجموعة من أبناء جيله ومنهم بشير الديك وسعيد شيمى ونادية شكرى وعاطف الطيب وخيرى بشارة وداود عبد السيد جماعة سينمائية أطلق عليها "جماعة أفلام الصحبة"، جمعتهم علاقة الصداقة ووحدة الهدف بإنتاج أفلام ذات مستوى جيد تهتم بالقضايا الواقعية، وأنتجت هذه المجموعة فيلم وحيد هو فيلم الحريف.

وكان خان أحد أبرز مخرجى السينما الواقعية وشارك فى كتابة 12 قصة من مجمل 24 فيلما روائيا طويلا قام بإخراجها، إضافة إلى «تسعة» أفلام روائية قصيرة، و«ثلاثة» أعمال تليفزيونية، كما شارك بالتمثيل فى عدد من الأفلام، فكان يتجول فى الشارع باحثا عن أحلام البسطاء والمهمشين، وآمال الحالمين.

وكان خان يحرص قبل تصوير كل فيلم من أفلامه على النزول للشارع لمعايشة الدراما والحالة التى يعبر عنها فى الفيلم ،وحين أخرج خان فيلم «الحريف» عام 1983، صوره فى حى بولاق أبو العلا، ليجسد عن قرب وواقعية مشاهد حياة سكان الحى و حياتهم اليومية. 

وذكر الكاتب الصحفى محمود عبدالشكور أنه حينما أدار ندوة "مشوار نجم" التى تناولت مشوار مخرج الروائع محمد خان وبحضوره فى معرض الكتاب عام 2016، أكد خان أن الطفلة التى لعبت دور ابنة أحلام فى فيلم " أحلام هند وكاميليا " هى ابنة خادمة بالفعل، شاهدها فى منزل صديقه المثقف اليسارى محمد سيد احمد، و رحبت والدتها بأن تعمل ابنتها فى فيلم سينمائى، فأدت الطفلة دورها ببراعة، وأصر خان على أن يعطى الطفلة أجرها فى صورة قطعة ذهب تلبسها، تحت هاجس أنها لو حصلت على نقود، قد يأخذها منها والدها، مثلما حدث لشخصيات الفيلم، كما أن شخصية الخادمة أيضا مستلهمة من شخصية خادمة ومربية محمد خان، وكان اسمها هند.

وفى عام 2014، أصدر الرئيس المؤقت السابق عدلى منصور قرارا جمهوريا بمنح خان الجنسية المصرية، الذى عاش حياته كاملة مصريا معجونا بتراب الوطن ورحل عن عالمنا فى 26 يوليو 2016 تاركا أعمالا فنية عظيمة دخل العديد منها ضمن أفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية.

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر