ثلاثة أشهر مع جورج سيدهم

جورج سيدهم جورج سيدهم
 
بقلم / رائد لطفى

قبل مرضه العضال بفترة قليلة ووقت أن كان المسرح المصرى مازال يجذب جمهوره من المصريين والأخوة العرب خاصة فى فصل الصيف.. قام الفنان جورج سيدهم بتقديم مسرحية بعنوان "نشنت يا فالح" على خشبة مسرح رومانس المجاور لمسرح الهوسبير والذى كان يطلق عليه الكثيرون مسرح ثلاثى أضواء المسرح لأن خشبة هذا المسرح العريق قد شهد نجاحات الثلاثى المصرى الشهير الضيف أحمد وسمير غانم وجورج على مدى عقود.. وقد شارك جورج سيدهم فى بطولة المسرحية النجم الصاعد وقتها أحمد أدم بالإضافة إلى الفنان الكبير حسين الشربينى والفنانة شيرين التى قفزت لمستوى النجومية بعد بطولتها لمسرحية "المتزوجون" مع جورج سيدهم وسمير غانم.. وقد شاءت الظروف أن أعمل لعدة أشهر كمحاسب _ وإن كنت مازلت وقتها طالبا بالكلية _ فى كافتريا المسرح بعد أن نصحنى الأصدقاء بالانغماس فى عالم الفن وأخذ خبرات عملية بأى طريقة قبل التقدم للالتحاق بأكاديمية الفنون.. وقد كان والتحقت بعد وساطة الأصدقاء.. وخلال عروض المسرحية رأيت جورج سيدهم كل يوم تقريبا.. رأيت الفنان المبدع الحقيقى والذى لم يتعالى أو يسقط فى دائرة النجم الأول والتاريخ الفنى الكبير ووافق على أن يكون بطل المسرحية الأول هو النجم الصاعد وقتها أحمد آدم.. بل علمت لاحقا أن منتج المسرحية هو أمير سيدهم أخو جورج سيدهم واعتقد البعض وقتها وأنا منهك.. أن المنتج الحقيقى هو جورج سيدهم الذى ظل مخلصا ومحبا لفن المسرح طوال حياته حتى هزمه المرض وأقعده.

ومن رأى جورج سيدهم على المسرح أو فى البلاتوه ورأه على حقيقته سيتأكد أن براءة الأطفال والطيبة الزائدة التى كنا نراها على الشاشة ليست قناعا أو تمثيلا فهو بالفعل طفل مهذب الطباع فى صورة رجل.. صوته لا يعلو حتى لو كان غاضبا.. إذا مررت أمامه صدفة وهو يبدل ملابسه سريعا خلف الستارة للدخلة التالية يضطرب ويعلو وجهه الحياء.. كان صامتا هادئا قليل الحركة أغلب الوقت إلا عندما يقف على المسرح ويسمع ضحكات وتجاوب الجمهور.. فيتحول وقتها لشاب مفعم بالحياة لا يتوقف عن الحركة والأداء ونزع الضحكات نزعا وتقديم وجبة كوميدية وفكرية فى نفس الوقت فقد كانت المسرحية تحذر من حمى الإعلانات الاستهلاكية والمسابقات التى تحولت لإدمان لوهم الثراء السريع عند كثير من الناس خاصة النساء.. والحق يقال كان جورج صاحب رسالة فنية واجتماعية صادقة يناقشها أثناء جلساته ويقدمها من خلال أعماله الفنية.

كنت سعيد الحظ أن قضيت حوالى ثلاثة أشهر أشاهد خلالها جورج سيدهم يوميا على المسرح وفى الكواليس.. وأتعلم منه الكثير وأرى محبة الناس له وتقديرهم لفنه الذى أعطاه عمره.. فرحمة الله عليه وسلاما على روحه البريئة الطيبة.

510201909031145124512

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر