أشهر نجوم لعبوا دور «الفتوة» فى السينما والدراما

 ياسر جلال ياسر جلال
 
باسم فؤاد ‏

رجل شعبى يرتدى جلباب مصرى وفى يده نبوت، مرة تجده يرفع نبوته فى مواجهة ‏مستعمر أجنبى كما صورته بعض كتب التاريخ ومرة تجده يرفع نبوته فى مواجهة ‏الضعفاء يفرض عليهم إتاوات مقابل حمايتهم وبقائهم، وبين هذه الصورة وتلك ظلت ‏شخصية الفتوة نموذجًا وملمحًا مهما فى السينما والدراما المصرية التى تناولت الحارة ‏الشعبية فى مصر القديمة.‏

 

فنانون كبار لعبوا دور البلطجى أبرزهم أحمد زكى ومحمود مرسى فى "سعد اليتيم"، ‏وعزت العلايلى وحمدى غيث فى "التوت والنبوت"، فريد شوقى ونور شريف وعادل ‏أدهم فى "الشيطان يعظ"، محمود عبد العزيز فى "الجوع"، ومحمود ياسين وصلاح ‏قابيل فى "الحرافيش"، ونور الشريف فى " المطارد"، لينضم إليهم النجم ياسر جلال ‏الذى يجسد شخصية الفتوة فى مسلسل يحمل نفس الاسم يعرض رمضان المقبل، وظهر ‏جلال خلال البرومو بمواصفات الفتوة الجسدية فهو ذاك الرجل ذات الملامح الحادة ‏وقوى البنية وبالطبع يمسك نبوته، فى عمل ينتظره العديد من متابعى دراما رمضان بعد ‏أن قدم ياسر جلال أوراق اعتماده بطلا خلال الـ3 سنوات الأخيرة. ‏

 

تاريخيا، سجلت كتب التاريخ الدور الوطنى للفتوات فى مقاومة الحملة الفرنسية على ‏مصر بين عامى 1798 و1801، حتى كان من بينهم من قادوا الشعب المصرى فى ‏ثورته ضد المستعمر الفرنسى، حتى نهض الفتوات وتصدروا جموع الشعب، وواجهوا ‏المستعمر بـ"نبابيتهم"، وأطلق نابليون بونابرت قائد الفرنسيين، عليهم اسم "الحشاشين"، ‏وحذر المصريين من أتباعهم‎.‎

وفى فترة الاحتلال الإنجليزى فقد كان لهم دور وطنى أيضا، حيث كانوا يخطفون ‏الجنود الإنجليز ولا يطلقون سراحهم إلا مقابل إفراج المحتل عن عدد من السجناء ‏الوطنيين، كما كانوا يستغلون مكانتهم فى حماية الفدائيين وإخفائهم عن أعين جنود ‏الاحتلال‎.‎

 

تقول الكاتبة ناهد صلاح فى مقدمة كتابها "الفتوة فى السينما المصرية" الصادر عام ‏‏2012: "فى هذا الكتاب نحاول أن نقدم نموذج الفتوة، دون أن تربكنا الشعرة الدقيقة ‏بين الفتوة والبلطجى. ونكشف عن الطريقة التى تعاملت بها السينما مع هذا النموذج ‏الذى ترسخت صورته فى الوجدان المصرى فى مرحلة تاريخية ما كمعادل شعبى للحاكم ‏الرسمى، وكحاجة ملحة لضبط ميزان الأمن والأمان فى مجتمع افتقد السلطة العادلة".‏

 

تقودنا تلك السطور إلى ملاحظات أهمها، أن الفارق بين الفتوة والبلطجى ليس ‏كبيرا فما هى إلا شعرة صغيرة تفصل بين الاثنين، فهذا أشبه بالحاكم الذى يطبق ‏العدالة الغائبة فى المجتمع وذاك يجمع الإتاوات مقابل حمايتهم.‏

 

ولعل أبرز الكتاب الذين قدموا شخصية الفتوة، كاتبنا الكبير وصاحب نوبل "نجيب ‏محفوظ" على يد المخرج نيازى مصطفى عام 1945، فى فيلم «فتوات الحسينية»، ‏وتوالت كتابات «محفوظ» عن الفتوات منها «الحرافيش» التى قدمت حكايات تمثل 10 ‏أجيال متتالية من الفتوات، وتحول بعض تلك القصص إلى أفلام، منها «شهد الملكة» ‏عام 1985، و«الحرافيش» 1986، والفيلمان من إخراج حسام الدين مصطفى، ‏و«المطارد» إخراج سمير سيف 1985، و«التوت والنبوت» إخراج نيازى مصطفى ‏‏1986، و«الجوع» إخراج على بدرخان 1986، إضافة لفيلمين عن قصتين قصيرتين ‏‏«الشيطان يعظ» إخراج أشرف فهمى، و«فتوات بولاق» إخراج يحيى العلمى، إنتاج عام ‏‏1981‏‎.‎

 

تناولت السينما نموذج (الفتوة) فى أغلب الأحيان على أنه بطل شعبى يناصر ‏المظلومين، واتصف بالشرف والنبل والقوة، فى مقابل الفتوات الذين استخدموا قوتهم ‏البدنية وسلطتهم فى الظلم والبطش وفرض الإتاوات على الفقراء والمستضعفين.‏

 

‏ ويأتى فريد شوقى على رأس الفنانين الذين قدموا شخصية الفتوة الشرير فى فيلم ‏‏«فتوات بولاق»، كما كان فيلم «الشيطان يعظ» من الأعمال التى ضمت نماذج سيئة ‏للفتوات، ومن أبرز النماذج فى السينما المصرية شخصية الفتوة حسونة السبع، التى ‏قدمها حمدى غيث فى فيلم «التوت والنبوت»، حيث كان يفرض إتاوات كبيرة على أهل ‏الحى ويبالغ فى اضطهادهم وإذلالهم.‏

 

يختلف نقاد ومؤرخو السينما حول أول أفلام الفتوات، إذ يُرجع بعضهم بداية هذه الموجة ‏إلى فيلم (فتوات بولاق) الذى كتب له السيناريو وحيد حامد وأخرجه الراحل يحى العلمي، ‏ويعتبرونه أول الخيط لأفلام الفتوات والحرافيش، قبل أن تتحول إلى ظاهرة سينمائية، ‏وهو مأخوذ عن إحدى قصص مجموعة (أولاد حارتنا)، ودارت أحداثه على خلفية ‏العنف الناجم عن صراع الفتوات على السيطرة على الحارة.‏

 

‎ ‎فيما يعتبر البعض الآخر، ومنهم المخرج سمير سيف؛ أن فيلم (فتوات الحسينية) ‏‏1954 هو البذرة الأساسية لكل هذه الأعمال الأدبية والسينمائية، وقد كتبه نجيب ‏محفوظ مباشرة للشاشة، وأخرجه نيازى مصطفى، وتضمن العديد من الأفكار ‏والشخصيات والأجواء التى اعتمدت عليها قصص نجيب محفوظ فيما بعد.‏

 

وتتفق ناهد صلاح مع المخرج سمير سيف وترى أن فيلم “فتوات الحسينية” الذى أنتج ‏سنة 1954 هو إشارة انطلاق الفتوة فى روايات محفوظ التى كانت تتمحور فى مجملها ‏حول شخصيات تسعى إلى تأسيس قيم العدل والحرية والخلاص والحب والسعادة، ‏وكانت “الحرافيش” أبرز رواية تناولت السيرة الشعبية لفتوات الحارة المصرية وتاريخهم. ‏

 

الكاتب الروائى يوسف القعيد أوضح الفرق بين الفتوات الذين عبّر عنهم نجيب محفوظ ‏فى أعماله الروائية، وبين البلطجية فى الأعمال الفنية الحالية، قائلاً: «البلطجة هى التى ‏انتشرت فى وقتنا الحالى، وحلت محل عصر الفتونة، ولكن شتان الفارق بينهما، وهناك ‏فرق كبير بين الفتوة والبلطجى، البلطجى كلمة تركية معناها حامل البلطة، والفتوة كان ‏يحترم العادات والتقاليد والقيم فى المجتمع، بعكس البلطجى الذى يغتصب حقوق الناس ‏بقوة السلاح"‏.

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر