مواقف من حياة عملاق الفن محمود مرسى ومحاربة العدوان الثلاثى

محمود مرسى محمود مرسى
 
زينب عبداللاه

عملاق من عمالقة الفن، له هيبة وحضور لا يمتلكهما غيره، فنان ذو قدرات هائلة وقوة تؤهله أن يجسد شخصية الطاغية بكل ما تحملها من معانى السلطة الغاشمة والظلم والديكتاتورية فتراها مجسداً فى شخصية عتريس بفيلم "شىء من الخوف"، وشخصية العمدة صقر الحلوانى فى مسلسل "عصفور النار"، وفى ذات الوقت يمكنه أن يجعلك ترى كل معانى الخير والحكمة والمبادئ حين تراه مجسدا شخصية أبو العلا البشرى فى مسلسله الشهير، والأستاذ أنيس فى مسلسل "سفر الأحلام"، والأستاذ كامل سليم فى مسلسل "العائلة".

لا أحد يمكنه أن يجسد كل شىء وعكسه بنظرات عينيه وتعبيرات وجهه ونبرة صوته بقوة وإتقان الفنان العملاق محمود مرسى الذى ولد فى مثل هذا اليوم الموافق 7 يونيو من عام 1923 بالإسكندرية ليمنح الفن عملاقاً ومبدعاً من نوع خاص.

ورغم أن الفنان الكبير محمود مرسى اشتهر بدور عتريس حتى أطلق عليه لقب عتريس السينما المصرية إلا أن شخصيته الحقيقة تقترب كثيرا من شخصية أبو العلا البشرى التى جسدها بإتقان، فطوال حياته كان الفنان الراحل رجل مبادئ وصاحب موقف مهما كلفته مواقفه.

والده هو مرسى بك محمود نقيب المحامين بالإسكندرية، ودرس الابن محمود مرسى الذى كان يهوى الفن منذ صغره فى القسم الداخلى التابع للمدرسة الثانوية اﻹيطالية، ثم التحق بقسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة اﻹسكندرية، وبعدها إلى فرنسا لدراسة اﻹخراج السينمائى وقضى هناك خمس سنوات.

انتقل محمود مرسى إلى بريطانيا وعمل فى هيئة اﻹذاعة البريطانية "بى بى سى" حتى وقع العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956، فاستقال من عمله حتى لا يذيع أخبارا كاذبة عن بلده، ولم يتردد فى أن ذلك قد يضر بأحلامه ومستقبله.

عاد محمود مرسى إلى مصر ليعمل فى اﻹذاعة المصرية ثم فى التلفزيون المصرى، وبدأ مشواره الفنى مخرجاً، وظل بعد عودته خمس سنوات يعمل مدرسا للتمثيل والإخراج بمعهد الفنون المسرحية.

بدأ التمثيل منذ عام 1962 من خلال فيلم (أنا الهارب) مع المخرج نيازى مصطفى، واستمر فى العمل خلال فترة ستينات وسبعينات القرن العشرين، من أشهر أفلامه (الخائنة، السمان والخريف، أغنية على الممر، طائر الليل الحزين، أبناء الصمت)، ومنذ أواخر سبعينات القرن العشرين بدأ فى اﻹتجاه للدراما التلفزيونية أكثر، فقدم مسلسلات (الرجل والحصان، زينب والعرش، عصفور النار، رحلة السيد أبو العلا البشري، بين القصرين، لما التعلب فات، وغيرها)، وحقق مسلسله العائلة الذى أذيع فى بداية التسعينات نجاحاً كبيرا حيث واجه الإرهاب فى عز سطوته، ورغم خطورة الدور والتهديدات لم يتردد رجل المبادئ فى محاربة الغرهاب بالفن مهما كلفه الأمر..

كان محمود مرسى مقلا فى الأعمال السينمائية حتى إنه لم يقدم سوى 25 فيلما لأنه كان يحرص على اختيار أعماله بدقة.

واشتهر الفنان العملاق بأنه خجول جدا ومثقف وقارئ جيد وله اصدقاء قليلون، وكان مقلاً فى الظهور الإعلامى والصحفى.

تزوج محمود مرسى مرة واحدة فى حياته من سيدة المسرح الفنانة الكبيرة سميحة أيوب وأنجب منها ابنه الوحيد علاء، ثم انفصلا فى هدوء، ولم يتزوج بعدها.

كتب محمود مرسى نعيه بنفسه ذاكرا فيه أسماء أقرب الناس إليه وأصدقاء العمر، ورحل فى 24 أبريل عام 2004 أثناء تصوير مسلسل "وهج الصيف" إثر أزمة قلبية.

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر