بليغ حمدى.. نجم جماهيرى

بليغ حمدى بليغ حمدى
 
بقلم رائد لطفى

يوم لن أنساه لأن من الصعب نسيانه.. فقد كنت عائدا من القاهرة لبلدى الزقازيق مع بعض الأصدقاء والزملاء بالجامعة وقتها.. وبينما نحن فى عربة القطار المزدحمة بالركاب من البسطاء من عمال مصر وفلاحيها وموظفيها أعلن البعض خبر وفاة بليغ حمدى.. ولأنى أعلم قيمة وقامة وعبقرية بليغ الموسيقية غير العادية فقد نزل الخبر على قلبى كالفاجعة وحزنت بشدة.. لكن المفاجأة كانت عندما رأيت بعينى وسمعت بأذنى حزن الشعب المصرى كله خاصة البسطاء والعاديين منهم على وفاة بليغ حمدى وتبادل الناس للعزاء والمأساة بين بعضهم البعض.

510201909031145124512

فوقفت أنا بين سعيد وحزين وبين مندهش ومتفكر حتى وصلت لقناعة صارت جلية أمامى قناعة أن بليغ حمدى قد صار نجما جماهيريا ووصل بموسيقاه لقلوب وعقول الجميع وليس المثقفين والمتعلمين وهواه الغناء فقط.. فلم يكن بليغ حمدى نجم تمثيل أو حتى إعلامى يراه الناس كثيرا حتى يصبحوا متعلقين به بشكل أو آخر.. وإنما كان ظهوره الإعلامى نادرا جدا.. بل كان ظهوره فى الحفلات الغنائية للسيدة أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ أو وردة شبه مستحيل.. وبناء على أحاديث مسجلة له فى الفضائيات قال بنفسه أنه كان إذا اضطر للذهاب لإحدى الحفلات التى يغنى فيها أحد عظماء الطرب لحنا من ألحانه يكتفى بسماع المقدمة ثم يتحجج بحجة واهية ويسارع بالانصراف قبل أن يسمع تعليقات الجمهور المباشرة أو يلاحقه أحد الصحفيين.

فما الذى جعل من بليغ حمدى نجما جماهيريا رغم ظهوره الإعلامى النادر وتفضيله للعزلة والبعد عن الأضواء ؟.. الإجابة هى موسيقاه وألحانه العبقرية التى خرجت من بين الناس ووصلت للناس وعبرت عنهم بكل صدق.. فقد عرف الناس اسم بليغ حمدى عندما كان يعلن عبد الحليم حافظ قبل غناء الأغنية عن اسمه قائلا: الموسيقار الشاب بليغ حمدى.. لكن ذلك لا يكفى كى يتحول الملحن الشاب البعيد عن الأضواء لنجم جماهيرى ينتظر الكثيرون إبداعه الفنى فى حياته ويتبادلون العزاء والمواساة عند وفاته رحمة الله.. بل نجح فيما نجح فيه القليلون جدا من الملحنين المصريين وهو أن تكون جملهم الموسيقية المتفردة والصادقة والمؤثرة هى نافذتهم للإطلال على الجماهير من وقت لآخر.. نجح فى أن يضع جملة الخاصة الممتلئة بالحزن مرة وبالفرح مرة وبالوطنية مرات على لسان كوكب الشرق والعندليب ووردة وشادية وغيرهم الكثير.. وعندما لحن ابتهالات للعظيم سيد النقشبندى حلقا معا إلى عنان السماء.. فرحمة الله على الموسيقار المبدع بليغ حمدى الذى ستجعله موسيقاه حيا بروحه بين الناس لسنوات وسنوات قادمة.


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر