رحلة صعود أنور وجدى من الجوع للقمة ومن صفعة يوسف وهبى لحلم العالمية

أنور وجدى أنور وجدى
 
زينب عبداللاه

يمر اليوم 117 عامًا على ميلاد الفنان والمنتج الكبير أنور وجدى الذى ولد فى مثل هذا اليوم الموافق 11 أكتوبر من عام 1904 ليكون أحد أهم نجوم وصناع السينما، ويقدم للسينما المصرية عددًا من أهم الروائع ويكتشف العديد من نجوم الفن، حيث كان أحد كبار الممثلين والمنتجين والمخرجين والمؤلفين المصريين وكان لديه مشروع فنى ضخم حقق بعضه وتوفى فى شبابه قبل أن يكمل باقى أحلامه، التى كان يخطط لها، وربما لو كان أمهله القدر لوصل للعالمية حيث كان لديه مشاريع فنية عالمية ضخمة، حيث كان يتميز بعقليته التجارية الكبيرة وقدرته على تحقيق مكاسب فنية وتجارية.

ولد أنور وجدى في حي الظاهر بالقاهرة، لأب سورى وأم مصرية واسمه الحقيقي محمد أنور يحيى الفتال وجدى، وانتقل الأب الذى كان يعمل فى تجارة القماش مع أسرته إلى مصر بعد أن بارت تجارته وتعرض للإفلاس.

دخل أنور المدرسة الفرنسية الفرير وأتقن اللغة الفرنسية، لكنه ترك الدراسة بعد فترة كى يتفرغ للفن خاصة مع ظروف أسرته الصعبة، وكان يهوى الفن منذ صغره، وعمل في العديد من الفرق الفنية الصغيرة.

كان أنور وجدى يتمتع بذكاء شديد ومواهب فنية وإدارية جعلت نجمه يصعد ويتحول من الفقر للغنى ومن كومبارس صغير فى فرقة رمسيس إلى أكبر منتج فى مصر، وأحد أهم صناع السينما.

وبدأ الفنان الكبير حياته ومشواره الفنى فى فرقة رمسيس بعد عدة محاولات منه للالتحاق بالفرقة، ليكون تلميذا للفنان الكبير يوسف وهبى، وكان شديد الطاعة والخوف من يوسف بك وهبى، حتى أنه كان إذا تعرض للانتقاد منه أثناء البروفات الفنية كان لا يتمالك دموعه ويبكى خوفاً من أن يقرر الاستغناء عنه.

وظل أنور وجدى طوال حياته يتذكر تلك الصفعة التى تلقاها من يوسف بك وتبعها خصم ثلاثة أيام من راتبه، خاصة بعد أن أصبح أكبر منتج فى مصر وكان يستعين بيوسف بك فى أعماله، وكان يقول له دائماً:"فاكر يايوسف بيه لما كنا فى دمنهور وضربتنى بالقلم على صرصور ودنى".

وحكى وجدى قائلاً: "كنا فى دمنهور وكانت الستارة مفروض تترفع وأنا فى أول مشهد، ورفعت الستار وكنت تأخرت فى أحد الأيام، ولكن حضرت قبل دقات المسرح التى تعلن بداية المسرحية، ولكن بعد أن فقد يوسف بك اعصابه، وبعد أن أنتهى المشهد وخرج أنور وجدى للكواليس وجد يوسف وهبى فى انتظاره وصفعه على وجهه صفعة قوية سقط بسببها الفنان الشاب على الأرض مغشياً عليه، ولم يكتف الفنان الكبير بهذه الصفعة القوية ولكن أمر بخصم ثلاثة أيام من راتب أنور وجدى".

وقتها بكى أنور وجدى ليس من قسوة الصفعة ولكن بسبب الخصم الذى حرمه من أجر ثلاثة أيام وأربك ميزانيته، وظل يتذكر هذا الموقف طوال حياته ويذكر يوسف وهبى به كلما رآه.

كما كان أنور وجدى من شدة خوفه من يوسف وهبى لا يجرؤ على التدخين أمامه، وذات ليلة كان يسهر مع بعض أصدقائه على أحد المقاهى فى حى الحسين، وراح يدخن سيجارة تلو أخرى من علبة سجائر صديقه ، وأراد أحد هؤلاء الأصدقاء مداعبته، فصاح قائلاً :" إلحق يا أنور يوسف بك جاى"، فارتبك أنور وجدى ولم يعرف كيف يتصرف ، وبسرعة دون أن يشعر أخفى السيجارة فى جيبه وهى مشتعلة حتى لا يراه استاذه وهو يدخن، وشاءت الأقدار أن تكون فى جيبه علبه كبريت ، مما أدى إلى اشتعال النيران فى ثيابه، ولولا أنه أدرك الموقف بسرعة وخلع الجاكت وألقاه بعيداً لكان احترق ، وخسر أنور وجدى يومها جاكته الوحيد وكان يمكن ان يخسر حياته بسبب خوفه واحترامه لأستاذه.

وانطلق أنور وجدى من المسرح للسينما وبعدها، كما بدأ مشواره كمنتج حتى أصبح أحد كبار المنتجين فى مصر والعالم العربى ، وكان يتمتع بذكاء كبير وقدة هائلة على تحقيق أرباح ، فكان يلجأ إلى بعض الحيل التى تكسب أفلامه نجاحًا وجماهيرية، ومن ضمن هذه الحيل أنه كلما طرح فيلمًا جديدًا، كان يعلن فى الصحف عن اسم 50 نجمًا من كبار النجوم يعتزمون حضور حفلات العرض الأول لأفلامه، فيتسابق الجمهور من عشاق هؤلاء النجوم لحضور العرض حتى يرون نجومهم المفضلين، وعندما يتزاحم الجمهور ولا يجد هؤلاء النجوم، كان أنور وجدى يقف ويخطب فيهم خطبة حماسية عن الفيلم، فيقف الجمهور ويحمله على الأعناق ويحلف بحياته.

وكان أنور وجدى مشغولا دائماً بالتطوير السينمائى وعندما خطفه الموت بعد رحلة مرض عام 1955 قبل أن يتجاوز بداية الخمسين من عمره ودون أن يكون له أولاد عثر فى شقته على ما يؤكد أنه كان يخطط لأعمال فنية لسنوات قادمة ومن ضمنها أفلام عالمية، حيث عثر  على 20 قصة سينمائية اشتراها قبل وفاته مخططا لتقديمها خلال خمس سنوات بواقع 4 أفلام سنوياً دون أن يكون فى توقعاته أن الموت سيخطفه قبل أن يحقق مخططاته.

كما سافر أنور وجدى خلال السنوات الأخيرة من حياته أكثر من مرة إلى إيطاليا وجلس مع السينمائيين الإيطاليين وتحدث معهم عن السينما المصرية تمهيداً لإنتاج أفلام مشتركة، حتى أنه بعد وفاته زار مصر أحد صناع السينما الإيطالية وسأل مارى كوينى عن أنور وجدى وانهار بالبكاء حين عرف أنه مات، مؤكدا أنه كان يخطط لفيلم إيطالى مصرى مشترك ضخم مع الشركات الإيطالية.

ولكن فى أوج شهرة ونجاح أنور وجدى أصابه السرطان وتدهورت صحته وفقد بصره حتى رحل فى شبابه قبلل أن يحقق كل أحلامه وذلك فى 14 مايو من عام 1955.

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر