صفاء الليثي تكتب: عن التشويق في "لحظة غضب"

صفاء الليثي صفاء الليثي
 
رغم غلبة نوع الواقعية على المنتح الدرامي فإن التشويق يظل أقوى الأنواع إمتاعا وجذبا للمشاهدين، الذين ينتظرون مع نهاية كل حلقة ما ستسفر عنه الأحداث في الحلقة التالية.
 
سواء كان التشويق مبني على "الأيروني" بمعنى أن الجمهور يعلم والابطال لا يعلمون، أو يكون مبنيا على إخفاء المعلومة عن الجمهور ويبدأ تكشف الحقائق تدريجيا، ويكون هذا من أمتع أنواع الدراما التي تسبب شهقات الدهشة لجمهورالمشاهدين. 
 
"لحظة غضب" عمل مشوق يبدأ بالحدث الأكبر، جريمة القتل، ثم مع تطور الحلقات نتابع كيف ستتمكن القاتلة من الهرب من كل ما يكشف فعلتها؟ يعتمد هذا النوع على وضع شخص أو معلومة أو تفصيلة على طريق الأحداث تغير من توقعات المشاهد وتربطه بسلسلة لا يستطيع منها فكاكا ويبقى مشدودا في انتظار جلاء الحقيقة. 
 
العمل مليء بالتفاصيل المميزة، فوظيفة البطلة طباخة في فندق كبير، وأثاث البيت مودرن، وأداء صبا مبارك هادئ، ينافيه أداء زوجها شريف أو محمد فراج الفظ والمهين لها، الذي نجح بادائه في جعل المشاهد يقف في صف الزوجة المهانة وأنه حقا يستحق القتل، عائلة الزوج رغم علوها الطبقي يمارسون سحرا اسود ويعتقدون في فتح المندل بمظهر "هيبي" لأخت شاهين الحريص على تقديم أداء يليق بكبير العائلة وبموظف كبير في بنك. 
 
ونرى الجار علي قاسم الذي يتزايد دوره مع الحلقات ليصبح شريكا في الجريمة لمعرفته بها وتصويره للمشادة بين شريف ويمنى وتسجيل ضربتها له على الرأس، وبعدها ابتزازه ليمنى "صبا مبارك" وندخل في غموض جديد مع المهام التي يكلفها بها ومع ظهور صديقتها التي ستكشف الأحداث عن كذبة كبيرة جذبت بها يمنى وتصبح في دور صديقة البطلة التي تفكر معها وتساعدها على إخفاء الأدلة. 
 
نكاد لا نخرج عن منزل يمنى وشريف، ومنزل مازن أو محمد شاهين وزوجته التي تخونه فقط لشعورها بالملل، اللقاء في البار ومشهد افتتاحي لشاهين يوبخ موظفيه، أجواء يؤكدها لقطة بيت الصديقة فيلا منعزلة تمارس فيها خداع النساء ببطولات وهمية. الانتشار الواسع للكاميرات وخاصة بعد قانون يفرض على كل منشأة تجارية وضع كاميرات في الصيدلية وكشك البقالة، وتصبح الفيديوهات المسجلة دليلا للإدانة لم تلتفت له يمنى التي ضربت زوجها بخشبة فرد العجين وكررتها مع اخيه الذي أوشك على ضربها برصاص مسدسه. استعارات المخرج لمشاهد باقية في أذهان المشاهدينن قتل الزوج بالسم كما في "موعد على العشاء " لمحمد خان، استخدام ذكي تتقمصه نيرة التي تتوهم قصصا تخدع بها نفسها وصديقتها. وتأتي النهاية متسقة مع الحالة الذهنية لزوجة مهانة أنصفها القدر بالكشف عن سبب وفاة الزوج لغيبوبة سكر وليس بسبب ضربة نشابة العجين، ويتقلص الحكم ليكون فقط لإخفائها جثة الزوجن بينما ضربة الأخ دفاعا عن النفس.
 
 بهدوءها المستمر تحكي في السجن حكايتها بتعبير حافظت عليه صبا مبارك مؤدية دور امرأة تعاني من نوع من الذهان، نوع من المرض العقلي نتج عن إحساسها بالمهانة لزوج قهرها دائما وتبين أنه أيضا تزوج عليها وله ابنة من هذا الزواج.
 
 "لحظة غضب" يسبح وحده وسط مسلسلات رمضان بأسلوب كتابة مهاب طارق، وإخراج عبد العزيز النجار بعدا فيه تماما عن نمطية الدراما المصرية فالجريمة تتم بهدوء، واختيار الممثلين وتوجيه أدائهم ليبقى في طبقة هادئة من جميع الأبطال وكل الممثلين وكأنهم منومون مغناطيسيا حتى أن بعض المشاهدين اعتقدوا أنه سيتبين ان كل ما شاهدناه كان حلما ليمنى كما  المشهد الافتتاحي في كابوس له يطردها شريف من البيت .

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر