المهرجان القومي للمسرح يفتتح محوره الفكري بندوتين تناقشان تحولات الوعي الجمالي ودور المؤسسات في تشكيل الذوق المسرحي..والنجم محمد رياض يؤكد: المهرجان ليس احتفالية فقط بل حالة مسرحية مستمرة تسهم في إعادة الجمهور

 
كتب : جمال عبد الناصر

انطلقت اليوم أولى فعاليات المحور الفكري المصاحب للدورة الثامنة عشرة من المهرجان القومي للمسرح المصري، والذي يقام هذا العام تحت شعار "المهرجان في محافظات مصر"، وبرعاية وزارة الثقافة المصرية، ويُعقد المحور تحت عنوان جامع "تحولات الوعي الجمالي في المسرح المصري"، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والنقاد والفنانين، ويستضيفه المجلس الأعلى للثقافة حتى 29 يوليو الجاري.

شهد الافتتاح حضور رئيس المهرجان الفنان محمد رياض، ومدير المهرجان الدكتور عادل عبده، وعدد من المثقفين والإعلاميين والمهتمين بالمسرح، وبدأت الفعاليات بجلسة حملت عنوان "أثر السياقات السياسية والاجتماعية على الوعي الجمالي"، تلتها جلسة ثانية بعنوان "التوجه المؤسسي ودوره في تشكيل الذوق المسرحي العام"، وذلك ضمن سلسلة من الجلسات التي يناقش فيها المحور الفكري التحولات الجمالية والاجتماعية التي مر بها المسرح المصري.

  •  محمد رياض: المحور الفكري يمثل اشتباكًا حقيقيًا مع الواقع المسرحي

في كلمته الافتتاحية، أعرب الفنان محمد رياض عن تقديره للدور الحيوي الذي يلعبه المحور الفكري في تعميق الرؤية النقدية وتحفيز الحوار حول المسرح المصري، مشيرًا إلى أنه حريص شخصيًا على حضور الجلسات الفكرية لما تحققه من تفاعل حقيقي مع قضايا المسرح المعاصر.

وقال رياض: المهرجان ليس احتفالية فقط، بل حالة مسرحية مستمرة تسهم في إعادة الجمهور إلى قاعات العرض، وأعتقد أن الشباب هم عماد الحراك المسرحي القادم، كما وجه الشكر للناقد أحمد خميس رئيس المحور الفكري، والكاتبة رشا عبد المنعم، على جهودهما في تنظيم الجلسات الفكرية بهذا الشكل المميز.

  • د. محمد دوير: سؤال الهوية يسبق سؤال المسرح

افتتح الجلسة الأولى وأدارها الدكتور محمد دوير، مشيرًا إلى أن تحولات المسرح المصري لا يمكن فصلها عن السياقات الاجتماعية والسياسية التي مر بها المجتمع، وقدم عرضًا تاريخيًا لمحطات المسرح المصري منذ التأسيس، مرورا بثورة 1919، والمسرح الغنائي، وحتى مرحلة ما بعد يوليو 1952 والانفتاح الاقتصادي.

وقال دوير أيضا : نشأ ارتباط عضوي بين الجمهور والمسرح، حيث ظهرت أنماط مسرحية استجابت للتغيرات الاجتماعية مثل المسرح الصيفي. ولكن يبقى السؤال الحقيقي ليس أين المسرح؟ بل من نحن؟ وما هي هويتنا؟ ومن هنا تبدأ إجابة كل الأسئلة."

 

  • د. سيد علي إسماعيل: المسرح المصري بدأ مع الخديوي إسماعيل باللغة العربية

قدم الدكتور سيد علي إسماعيل ورقة بحثية بعنوان "الوعي الجمالي للمسرح المصري في مائة عام (1868–1968)"، تناول فيها الجذور التاريخية للمسرح المصري، مؤكدا أن الخديوي إسماعيل هو أول من أسس للمسرح باللغة العربية، من خلال إنتاج مسرحية "هيلانة الجميلة" وترجمة الأوبرا إلى العربية.

وأوضح إسماعيل أن مرحلة التأسيس الحقيقي جاءت بعد ثورة 1919 مع ظهور فرق مسرحية كفرقة يوسف وهبي، التي قدمت صورة صادقة للمجتمع المصري، تلاها تأسيس أول معهد مسرحي في ثلاثينيات القرن الماضي.

وأشار إلى أن مرحلة ما بعد 1952 كانت من أزهى عصور المسرح المصري، ويمكن تسميتها بمرحلة التأصيل، حيث شهدت نشاطًا كبيرًا في الإنتاج المسرحي، وظهور جيل جديد من النقاد والفنانين."

 

  • د. محمد زعيمة: مهرجان المسرح التجريبي غيّر المفاهيم النقدية

في ورقته بعنوان "المسرح والتغير الاجتماعي والسياسي والتكنولوجي"، ناقش الدكتور محمد زعيمة التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري منذ أواخر القرن العشرين، وأثرها على البنية الفنية للمسرح.

وقال زعيمة: "في الستينيات والسبعينيات، بدأ المسرح يتوجه إلى الطبقة الأقل من المتوسطة، مما فرض عليه تطوير شكله ومضمونه. كما أن ظهور التكنولوجيا وهجرة بعض الفئات إلى الخليج أثّرا بشكل مباشر على شكل الجمهور وطبيعته."

وأشار إلى أن مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي شكّل صدمة نقدية، خصوصًا مع عروض مثل 'الجلسة السرية'، التي قدمت دون نص، وأجبرت النقاد على إعادة النظر في أدوات التحليل المسرحي، ما أدى إلى تطور كبير في الرؤية النقدية."

  • التوجه المؤسسي ودوره في تشكيل الذوق المسرحي العام

وأدار الجلسة الثانية الكاتب عماد مطاوع وكانت تحت عنوان : التوجه المؤسسي ودوره في تشكيل الذوق المسرحي العام، وقدم المتحدثين في تلك الجلسة التي بدأت بكلمة المخرج أشرف عزب والذي سيقدم رؤية حول أليات الإنتاج في وزارة الثقافة وأثر ذلك على  تشكيل وعي الذوق العام للجمهور.

  • المخرج أشرف عزب: الدعم المؤسسي تراجع وفرقة رضا مثال حي

استعرض المخرج أشرف عزب رؤية وزارة الثقافة في دعم الإنتاج المسرحي منذ الستينيات وحتى الآن، مشيرًا إلى تراجع الدعم الحالي للفرق الشعبية، ومؤكدًا أن: فرقة رضا، التي كانت تضم 200 عضوًا، تقلصت إلى 12 فقط، في ظل غياب الدعم اللازم للحفاظ على تراث الفرق الشعبية، وأوضح عزب أن دعم الدولة يجب أن يشمل كل فئات الجمهور، بهدف تعزيز الهوية ونشر الوعي، وأن الفكر المؤسسي يجب أن يُفعل لإعادة صياغة الذوق المسرحي.

 

  • رشا عبد المنعم: المسرح المستقل أكثر مرونة والبيت الفني يعاني المركزية

قدمت الكاتبة رشا عبد المنعم رؤية نقدية للإنتاج المسرحي في البيت الفني للمسرح، مشيرة إلى التحديات التي تواجهه، من تقادم الأدوات، والمركزية، إلى نقص الكوادر، ووجود روتين إداري يعوق عملية الإنتاج.

قالت عبد المنعم: المحافظات مغيبة عن الخريطة المسرحية، والمسرح المستقل جاء كاستجابة لحاجة الشباب للتعبير عن أفكارهم بحرية بعيدًا عن تعقيدات التصاريح والإنتاج المركزي، فكان أكثر تحررًا وجمالًا وابتكارًا."

 

  • المخرج محمد الطايع: نوادي المسرح الأقل تمويلًا لكنها الأكثر إنتاجًا

أكد المخرج محمد الطايع، مدير نوادي المسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة، أن الهيئة تنتج أكثر من 350 عرضًا سنويًا، بمشاركة واسعة من محافظات مصر.

وقال: نوادي المسرح تقدم ما يقرب من 155 عرضًا سنويًا، رغم أن ميزانياتها هي الأقل مقارنة بالجهات الأخرى. لكن فلسفة الإنتاج في الهيئة تراعي الطبيعة الثقافية والجغرافية لكل محافظة، وأوضح أن الهيئة لا تتدخل في توجهات المضمون، لكن توفر لكل فئة إنتاجية مخصصاتها المختلفة، لافتًا إلى أن العروض تتنوع بين فرق القصور، وبيوت الثقافة، والتجارب النوعية، والنوادي.

يرأس المحور الفكري الناقد أحمد خميس، وتضم لجنته كل من د. عبد الكريم الحجراوي، محمد علام، وإسراء محبوب. ويعقد المحور على مدار 17 يومًا حتى 29 يوليو، بمشاركة كبار النقاد وأساتذة المسرح.

يناقش المحور عدة موضوعات منها: أثر السياقات السياسية والاجتماعية على الوعي الجمالي، التوجه المؤسسي وتشكيل الذوق العام، تحولات العروض المسرحية، جماليات الجسد، تحولات الفضاء المسرحي، آليات الإنتاج، أشكال الخطاب النقدي، ويُعقد بالتوازي مع الجلسات الفكرية عدد من ندوات المكرمين ضمن فعاليات المهرجان تبدأ عقب افتتاح المهرجان يوم 20 يوليو .

 

 

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر