تاتا زكى.. المرأة التى تسببت فى تأميم الصحف

جمال عبد الناصر وتوفيق الحكيم جمال عبد الناصر وتوفيق الحكيم
 
إلهام الجمال

تأميم الصحف المصرية كان حدثا فارقا فى مسار الصحافة لعقود طويلة، فصحافة ما قبل التأميم تختلف اختلافا جوهريا عن صحافة ما بعد التأميم وفى أرشيف الصحف أكبر دليل.

لكن ما الذى دفع الرئيس جمال عبد الناصر للتفكير فى إخضاع الصحف للرقابة الحكومية كما فعل فى العديد من الجهات الأخرى.

الحكاية طريفة جدا سردها الكاتب الصحفى محمد توفيق على صفحات كتابه "الملك والكتابة" الذى صدر مؤخرا عن دار "دلتا" للنشر والتوزيع، كانت بطلتها حسناء تدعى "تاتا زكى".. تعرف على قصتها كما ذكرها توفيق فى السطور التالية.

بدأت الحكاية بمانشيت باللون الأحمر تصدر الصفحة الأولى من جريدة أخبار اليوم ذات صباح يقول.. "اختفاء أجمل سيدة فى مصر" وجاء فى التفاصيل:

أن سيدة أرستقراطية تدعى "تاتا زكى" متزوجة من محام كبير وشهير، لكنها لم تعد ترغب فى أن تكمل حياتها معه، وصارت تضيق به، وتركت له البيت، وأحبت رجلا آخر من العائلة المالكة السابقة وتريد أن تتزوجه وتعيش معه، لكن زوجها المحامى الشهير يرفض أن يطلقها.

وحاولت "تاتا زكى" بكل الطرق أن تنفصل عنه؛ لكن الزوج المخدوع تجاهلها. فذهبت إلى دار أخبار اليوم والتقت "مصطفى أمين" فجعلها حديث الناس بطول مصر وعرضها، وانصرف الناس عن كل ما يجرى من إنجازات فى البلد وتابعوا وتتبعوا قصة "تاتا زكى".

فغضب الرئيس "جمال عبد الناصر" وشن حملة ضد صحف الإثارة التى تلهى الجماهير عن القضايا الكبرى، وكان المقصود بذلك صحف دار أخبار اليوم، التى شغلت الرأى العام بقضية "تاتا" التى تهافت عليها القراء يوم بيوم لمعرفة سبب اختفائها وما ستفعله.

ووصف عبد الناصر فى خطابه بمناسبة الاحتفال بالثورة، بعد هجوم عنيف على صحافة الإثارة بأنها صحافة تقدم صورة بعيدة كل البعد عن مجتمعنا الاشتراكى الجديد. وهو ما دعا الأصوات فى الاتحاد القومى للمطالبة بأن يكون للإتحاد دوره الايجابى فى توجيه الصحف

وبعد أن انتهى الرئيس من خطابه، بدأ التمهيد من كبار الصحفيين لصدور قرار تأميم الصحف.

فكان أولهم محمد حسنين هيكل الذى كتب مقالا انتقد فيه الصحف المصرية وشن هجوم عليها حيث قال:

"عن الصحافة المصرية لم تستطع أن تتخلص من كونها صحافة شخصية، تعبر عن الرأى الخاص لأصحابها ومحرريها، وانحازت لحساب المرفهين وفشلت فى التعبير عن الرأى العام لمجتمع بأكمله على اختلاف طبقاته".

كذلك تبعه فتحى غانم بمقال على صفحات روزاليوسف أكد فيه حق الدولة فى التدخل لتوجيه حرية الرأي. ودعا إحسان عبد القدوس رئيس تحرير روزاليوسف فى تلك الفترة إلى ضرورة أن تنظم الصحف فى إطار الإتحاد القومى لأنها تعد أداه من أدواته.

وكانت بذلك قصة الحسناء "تاتا زكى" هى الذريعة التى استندت إليها السلطة لتأميم الصحف فى عام.1960


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر