فى ذكرى وفاته.. أسرار جديدة يكشفها مجدى العمروسى عن العندليب

الراحل عبد الحليم حافظ الراحل عبد الحليم حافظ
 
محمد زكريا

تحل اليوم الخميس 30 مارس، الذكرى الـ40 لوفاة أسطورة الغناء المصرى والعربى العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الذى يعيش فى وجداننا بأغنياته التى قدمها طيلة مسيرته الغنائية من كافة الألوان، وعندما تحل ذكراه لابد من الحديث عن حكايات العندليب ومشواره الفنى والغنائي، ورغم أن مشواره مع الغناء لم يستمر أكثر من 28 عاماً فقط إلا أنه مسيرته مليئة بالحكايات والأسرار التى يعرفها البعض والتى لا يعرفها الآخرين، وتحيى جريدة «عين» ذكرى وفاة العندليب من خلال نشر جزء من ذكريات مجدى العمروسى الصديق المقرب ورفيق رحلة عبد الحليم حافظ، التى نشرها على حلقات فى مجلة الكواكب عام 1980.

عبد الحليم حافظ

عبد الحليم حافظ

عبد الحليم أحب مرة واحدة فقط وغنى لها «فى يوم فى شهر فى سن» وقصة السيدة التى تطلقت من أجله

هذا الجانب فى حياة عبد الحليم هو الذى تضاربت حوله الروايات والأقوال سواء فى حياته أم بعد رحليه، وهنا يروى العمروسى قصة حب عبد الحليم بلسان الصديق وعين الرقيب حيث يقول: الجانب العاطفى لعبد الحليم وهو حب الرجل للمرأة والعكس، فإن لعبد الحليم محاولات حب كثيرة وأقول محاولات لأن الحب الحقيقى الصافى الواضح غير المحاط بمخاوف وأشباح وظلال سوداء، لم يقابل عبد الحليم سوى مرة واحدة فى حياته.

ويضيف العمروسى: صادفه هذا الحب النقى وهو مازال بعد فى بدايات المشوار قبل أن يصل إلى المجد والشهرة وأتى هذا الحب قبل بدأ مشوار المرض، لكن للأسف الشديد لم يكتب لهذا الحب الدوام فقد رحلت حبيبة قلب عبد الحليم عن الدنيا بسرعة خاطفة وخلد العندليب ذلك الحب الخاطف فى أكثر أغنياته، لكن الأغنية التى شدا بها من أجل الحبيبة الراحلة، كانت أغنية «فى يوم فى شهر فى سنة تهدى الجراح وتنام» وبعد هذه القصة بدأ عبد الحليم أصعب مشوار فى حياته وهو مشوار المرض والألم، ومنذ أن عرف حقيقة مرضه وأنه لا شفاء منه قام بوضع حقيقة هذا المرض أمام السيدات حوله وأنه قدر له ألا يكون زوجاً أو أباً.

العندليب الاسمر عبد الحليم حافظ
العندليب الاسمر عبد الحليم حافظ

ويتابع العمروسى: عبد الحليم كانت له صفة غريبة وهى الانطباع الخاطئ الذى يتركه فى نفس أى سيدة أو فتاة يقابلها، وأن جميع من عرفن عبد الحليم من فتيات وسيدات كن يشعرن نحوه بشعورين أولهما شعور الأمومة وثانيهما شعور الانجذاب الفورى إليه بعاطفة الحب وقد رأيت بنفسى فتاة تصغر عبد الحليم فى السن وكانت تعامله وكأنه ابنها وعندما سألتها بنفسى عن حقيقة شعورها ردت أنها لا تعلم وهى لا تحس بحبها أو عشقه بمقدرة خوفها عليه، وروى مجدى العمروسى قصة حب نبيلة جدا كان طرفها سيدة متزوجة عشقت وأحبت عبد الحليم حباً جنونيا عظيماً وأرادت هذه السيدة أن تترك زوجها بالتفاهم بينهما، وكان فى نفس الوقت يحادثها عبد الحليم مراراً وأكد لها فى أكثر من مناسبة أنها لن تصبح زوجته وإذا أرادت أن تظل صديقة له فعليها أن تتوقف عن السير فى طريق الانفصال عن زوجها، إلا أن هذه السيدة كان حبها لعبد الحليم أكبر من أى ضغوطات وتم الطلاق بينها وبين زوجها، ووقتها أمتنع عبد الحليم عن رؤيتها وتهرب منها.

منع أغانى وأفلام عبد الحليم فى المغرب بوشاية من فنانين بسبب الجزائر هناك.. وخطابه للملك الذى قلب الموازين

وفى حلقة من حلقات مجدى العمروسى روى فيها عن الانتشار الكبير لعبد الحليم واغنياته فى البلاد العربية إلا أن هناك دولة واحدة لم يدخلها ولم توجه إليه أي دعوة من أي جهة فيها وقال العمروسى: تسائل عبد الحليم لماذا لم يأت إلى متعهدين مع المغرب ولم توجه إلىّ أى دعوات لحضور افتتاحيات أفلامى من الموزعين وهل أفلامى تعرض هناك أم لا تعرض إطلاقاً؟.. وظهرت تساؤلات وتبريرات كثيرة للعندليب لتفسير هذا الأمر إلى أن قال له أحد الأصدقاء ذات مرة مبرراً له ابعاده عن المغرب يا عبد الحليم لماذا أنت قلق لهذا، المسؤلون بالمغرب لا يحبونك ولا يستمعون لأغانيك ولا يرغبون فى تواجدك بالمغرب، ليرد عبد الحليم لا أعرف سببا لذلك ولم أذهب إلى المغرب فى حياتى سوى مرة واحدة فقط عندما اصطحبنى الرئيس عبد الناصر معه إلى مؤتمر الرباط الأول وكان أول مؤتمر للقمة وأذكر أننى غنيت أمام الملك ولم أشعر بأى كره أو عداء أو اعتراض على شخصى أو أو على كفنان.

المطرب الكبير عبد الحليم حافظ
المطرب الكبير عبد الحليم حافظ

ويضيف العمروسى: لم يقتنع عبد الحليم بكل تلك التبريرات والحجج وقرر أن يسأل بنفسه ويتحرى عن الأمر وقرر إرسالى إلى المغرب لمعرفة الحقيقة وعندما وصلت هناك لمعرفة سبب الابتعاد الفنى لعبد الحليم كانت هناك عدة مفاجأت فى انتظارى، فقد فوجئت بأن أغانى وأفلام عبد الحليم ممنوعين تماماً عن الناس وفوجئت أن هذا المنع صادر من جهات سيادية عليا أى من الملك نفسه بأمر صادر من جلالته شخصياً ولا أحد يعلم سببه.

واستكمل العمروسى روايته : وجدت شخصية رسمية وفنية مغربية تهمس فى أذنى بالسر، وهو أن الملك الحسن علم أثناء الحرب التى دارت بين المغرب والجزائر أن عبد الحليم تحمس للجزائر وقام بأداء أغنية تتغنى بالجزائر وأمجادها وتناصر الجزائر ضد المغرب، ورغم أن الملك لم يستمع إلى الأغنية إلا أن بعض الأشخاص اصطاد فى المياه العكرة وجعل الملك يصدر قرار المنع، واقتراحوا أن أجعل عبد الحليم يكتب خطاباً شخصيا إلى الملك الحسن يذكر فيه الحقيقه ويكذب فيه الاتهام الموجه له وبالفعل كتب عبد الحليم الخطاب إلى الملك.

عبد الحليم
عبد الحليم

وجاء نص الخطاب الذى كتبه عبد الحليم "أن ما بلغ جلالة الملك غير حقيقى وأنا مستعد لإثبات ذلك، وعلى استعداد لمقابلة الملك كأى مغربى لأن المصرى والمغربى شخص واحد وليس اثنين، وإذا ثبت علىّ الاتهام فأنا على استعداد تام لتنفيذ أي  أمر تصدره جلاتكم فى شأنى، وأنا لا أقول ذلك رغبة فى إعادة أغنياتى أو دعوتى إلى المغرب أو مترجهاً عن مبدأ اقتنعت به وغنيت له أو أنفى شياً لم يحدث وأنا لا يجوز لى أن أناصر المغرب أو الجزائر، بصوتى، حيث أنى لم أدرس القضية التى بين البلدين، ولا أعرفها جيداً لذلك لا أستطيع أن منها موقفاً معيناً،ـ ولو كنت قد درست القضية واقتنعت بموقف الجزائر، فما كانت توجد قوة تجبرنى على كتابة أسطر وكلمات هذا الخطاب.

واستطرد العمروسى: بالفعل وصل الخطاب إلى الملك وأتى عيد ميلاده وإذا بمدير الإذاعة وهو فى نفس الوقت وكيل وزارة الإعلام يحضر بنفسه لدعوة عبد الحليم إلى المغرب للزيارة والغناء فى عيد ميلاد جلالة الملك، وطلب عبد الحليم من مرسى جميل عزيز كتابة أغنية تحمل معنى التضامن العربى ومناصرة القدس وفلسطين غنى العندليب الأغنية فى عيد ميلاد الملك فكان سبباً فى علاقة عظيمة ووطيدة بين عبد الحليم والملك الحسن، وفى مقابلة للمك مع عبد الحليم فى القصر الملك كشف له أن قرار مقاطعة اغنياتة ومنع أفلام جاءت من وشاية لبعض زملائه الفنانين المغاربة، ومرت السنوات وكان عبد الحليم حاضرا فى كل احتفالات المغرب وأصبح ابن من أبنائها.

رفض عبد الحليم إذاعة بيان الانقلاب بعد قتل الملك رغم تهديدات السلاح

ومن ضمن حلقات العمروسى تحدث عن ليلة سوداء قضاها العندليب فى المغرب أثناء تواجده هناك من أجل الغناء ومعه عدد من فنانى مصر حيث وقع عبد الحليم حافظ فى قبضة جنود الانقلاب على ملك المغرب وسيطرتهم على الإذاعة هناك، وروى بقوله: عندما عاد الحليم من الأسر ظل صامتاً وكانت أول كلمة ينطق بها، أنا جائع جدا جداً واستطعنا بعد جهد تدبير بعض قطع الساندويتش له وأخذ وهو يقضم الساندويتش يروى لنا ما مر به من عذابات فى تلك الليلة، قال عبد الحليم موجهاً كلماته إلى عندما اتصلت بى وأخبرتنى بما حدث من انقلاب، وموت الملك صدقت فعلاً أن هناك انقلاب قد وقع، لكن لم أصدق موت الملك فقد كان لدى إحساس غريب لا أدرى.

وأضاف العندليب: وجدت الباب يفتح بقوة وعنف ودخل منه أحد الضباط حاملاً مدفعاً رشاشا ويده على الزناد وخلفه جنديان يحملان بنادق أوتوماتيكية سريعة الطلقات، وقال الضابط أنت عبد الحليم؟ فهززت رأسى موافقاً، أنت ايش تسوى هنا يا عبد الحليم؟ كما ترى أمامك أقوم بعمل مونتاج لواحدة من أغنياتي، طيب سر أمامي، فسرت أمامه والمدفع سريع الطلقات مصوب إلى ظهرى وأقل ضغطة على الزناد تودى بى وبحياتى ووصلنا إلى غرفة الإذاعة الخارجية وهناك وجدت مجموعة من ضباط الانقلاب ولدى دخولنا صاح الضابط المرافق إلى بلهجة مليئة بالسعادة لقد وجدت الحل للمشكلة، أنا جبت لكم من يستطيع أن يذيع البيان الأول وتقدم واحد منهم وأعطانى ورقة مكتوب بها البيان واحد للانقلاب ولفت نظرى كلمة «انقلاب» وتوقفت أمامها لثوان لا أعرف لماذا وصممت بنى وبين نفسى ألا أقرأ البيان فى الميكروفون واسترجعت ذكرياتى مع صديقى الملك الذى وقف بجانبى ودفع كل نفقات علاجى ووضع كل ثروته تحت تصرفى حتى أشفى من مرضى، هل أخون هذا الرجل وأذيع أول بيان ضده، هل تلك الصداقة ورد الجميل، كلا لن يكون ذلك ولو كانت حياتى هى الثمن ودار فى عقلى سريعاً كيفية التخلص من هذا الوضع وكيفية الوصول إلى عقول تلك المجموعة التى شعارها التفاهم بالرصاص، فقلت محاوراً المجموعة الانقلابية المتحفزة ولكنة للأسف لا أستطيع التحدث باللهجة المغربية لا تهرب يا عبد الحليم، ليس لدينا مانع أن تقرأه بالعربية هكذا رد علىّ كبيرهم.

عبد الحليم حافظ على فراش المرض
عبد الحليم حافظ على فراش المرض

وتابع عبد الحليم: وجدت نفسى أنطق بقوة وبحزم-ماذا تفعلون وماذا تنتظرون، ده يبقى انقلاب ايه وثوره ايه اللي يذيع بيانها الأول، مصرى هل معنى ذلك أنه ليس هناك واحد مقتنع بما تقولون عنه انقلاب، أنتم مغاربة وقمتم بتلك العملية فماذا يمنعكم من إذاعة بيانكم وتلجأوون إلىّ كمصرى حتى أذيع بيانكم ليدفعنى واحد منهم بقوة فى صدرى حتى ارتطم ظهرى بالحائط.


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر