ليلة رأس السنة.. هل تفضلها رومانسية صاخبة أم عدمية تنتهى ببطولة كالحلم؟

نرمين يسر نرمين يسر
 
نرمين يُسر

فى تعريف مصطلح الاكتئاب إنه ذلك الاضطراب الذى يصيب الشخص والمسبب الرئيسى لشعوره بالحزن، ربما يرجع حزنه إلى تعرضه لموقف صادم مثل هجر الحبيب أو موت عزيز، منهم بعض الأشخاص الذين يواجهون الخوض فى الأفكار الوجودية والوصول إلى مرحلة العدم كواحد من الفلاسفة الذين لم يتوصلوا إلى جدوى فى الاستمرار على قيد الحياة، ومن الأنواع الشائعة لمرضى الاكتئاب هم مكتئبو النهايات، كالعادة عندما تنتهى الإجازة، وتحتيم العودة إلى العمل، وإن هذه الحالات هى اكتئاب نهاية العام، حيث تبدأ الأسابيع والأيام القليلة فى التسابق للوصول إلى آخر أيام شهر ديسمبر.

أما عن تناول السينما تلك الأيام الحزينة من العام فقد قدمت بعض نماذج حية من البشر الذين يواجهون هذا النوع من الاكتئاب، فمنهم من يواجهه بالبدء فى خوض علاقة حب جديدة تبدو مستحيلة مثلما فعلتها نوال مع خالد، حيث التقيا فى حفل رأس السنة فى رقصة فلس رائعة على مسمع ومرأى من المدعوين، حيث تناسى كلاهما تواجد طاهر بك الزوج العجوز من ضمن الحضور.

تلاقى خالد الذى قام بدوره عمر الشريف أمام نوال التى جسدت شخصيتها ببراعة فاتن حمامة.

بدأ خالد أولى كلماته لنوال فى الدقائق الأولى من بعد منتصف الليل قائلا دى سنة جديدة من عمر حبنا هاتبتدى، حيث يعقب كلماته بقبلة رومانسية مشهورة حتى يصل إلى مسامعهما صخب الحضور الماجن فتطلب منه أنه يجب التوقف عن التلاقي. ولكنه يطلب منها أن تنسى من هى وماصفتها كزوجة لوزير الدولة فى محاولة لإقناعها بأنها ليلة واحدة تأتى كل عام، قد تبدو أنها بداية سعيدة للعام الجديد ولكن ما يلبث الحزن أن يسيطر على المشهد عندما يتحتم عليهما إعادة التفكير فى علاقة مستحيلة الاستمرار.

فيلم نهر الحب إنتاج 1960 من سيناريو وإخراج عز الدين ذو الفقار عن رواية الروسى ليو تولستوى بعنوان "انا كارنينا" الصادرة فى عام 1877، لتظل خالدة إلى وقتنا الحالى، ووصولها إلى اعتمادها تيمة سينمائية معروفة، يعمل عليها كبار المخرجين، فهى قصة كل امرأة تفتقد الحب فى كل زمان ومكان.

من أحزان نهاية العام الرومانسية كانت نوال زوجة الوزير المرموق التى وقعت فى غرام الضابط خالد، إنما هناك أحزان رجل بائس يدعى يوسف المنسى الذى بدا اسما على مسمى، يعمل المنسى "محولجى" فى السكة الحديد، والذى قضى ليلة استقبال العام الجديد فى مهاترات عدمية لا تختلف عن ليالى حياته اليومية، كان عليه فى تلك الليلة خوض تفاصيل مشكلات طبقية تتعارض مع مبادئه، وعليه أن يقوم بإنقاذ غادة سكرتيرة رجل الأعمال الفاسد أسعد ياقوت من محاولة الأخير إقناعها بالخضوع لرغبات مستر حسان رجل الأعمال الثرى والذى لا يقل فسادا عن شريكه، تبدأ الليلة وتنتهى وسط جمل حوارية من تأليف وإبداع وحيد حامد، حيث يقول المنسى أو عادل إمام، لغادة التى جسدت دورها يسرا: "حلو أوى إن لما الواحد يزهق يمشى على طول لأنى أنا لو مشيت القطارات هاتدخل فى بعض ولو زهقت أتسجن وفيه ناس كتير تزهق وماتقدرش تمشى بس تموت وهى زهقانة وأنا واحد منهم".

يبرز الفيلم الذى أخرجه شريف عرفة عام 1993 مأساة وكبت عامل تحويلة السكة الحديد مقارنة بأفراد من الطبقة الثرية، حيث يلقى عرفة الضوء على نقاط الحرمان عند عامل التحويلة مقارنة بمظاهر الصخب والثراء عند طبقة رجال الأعمال من خلال لقطات متتالية بين كشك تحويلة السكة الحديد وبين الفيلا الفارهة التى يقام فيها الحفل الصاخب، ويبدأ منسى فى الحصول على هدية سانتا كلوز المتمثلة فى ميل قلب غادة له، بما أنه قام بإنقاذها من براثن رب عملها الذى حاول تقديمها أصحية وقربانا لشريكه لإتمام الصفقة المنتظرة، بنهاية لا تنسى قام بها مصطفى متولى والتى تعد من أشهر مشاهدة على الإطلاق، عندما نفدت أعواد الكبريت من علبة منسى ليقذف له فوزى قداحة صارخا "أخيييينا".

هناك العديد من أفلام السينما التى تناولت ليلة نهاية العام المشوبة بالحزن والكآبة وفرحة استقبال عام جديد ولكن من يستطع استيعاب الثوانى القليلة ما بين انتهاء اكتئاب واستقبال التفاؤل؟ من يقو على السيطرة على شعوره عندما يودع خيباته واحباطاته متعشما فى استقبال عام جديد يحمل النجاحات المنتظرة؟ ربما استطاع منسى أن يقضى ليلة مختلفة عن لياليه الرتيبة، والتى انتهت باعتبار نفسه بطلا كما اعتبرته فتاته، أما عن نوال فكانت لها ليلة عام جديد بدأت بالسعادة والرقص والقُبل، وما لبثت أن خضعت لتدابير العقل والقرارات الواجب اتخاذها.


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر