لماذا لا تحب القوى العظمى كرة القدم؟

القوى العظمي القوى العظمي
 
نورهان طمان

إذا كنت من مهاويس كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى على مستوى العالم، فبالتأكيد لن تكن قبلتك تجاه الثلاثة دول العظمى أمريكا وروسيا والصين، فوسط الأجواء المونديالية التى عاشه العالم أجمع منذ منتصف الشهر الجارى وحتى الـ15 من يوليو، خلال الماراثون الكروى الذى دار على الأراضى الروسية، تشعر بالأجواء الكروية فقط فى مناطق التشجيع بالـfan zoon وكل ما هو حول الاستاد، أمتار قليلة سيرا على الأقدام تخطوها تفصلك تماما عن الواقع الكروى.

 
.
.
 
القوى الاقتصادية العظمى وكرة القدم don’t mix روسيا "خير الأمور الوسط"

بهتاف واحد لا يتغير تجد الجمهور الروسى فى مدرجات الاستاد يرددوا اسم بلادهم بشكل عنيف ومتقطع "رو سى يا"، هتاف واحد فقط ظهر به جمهور المنتخب الروسى فى المباراتان التى جمعتهما بالسعودية ومصر فى دور المجموعات ولأن لكل مقام مقال قدم المنتخب الروسى كرة جيدة على غير المتوقع، فالروس مصنفون رقم 70 على مستوى العالم ولا يوجد لديهم نجم شباك كبير مثل ميسى فى الأرجنتين أو رونالدو فى البرتغال وصلاح مع الفراعنة وغيرهم من نجوم الشباك العالميين، باستثناء اللاعب دينيس تشيريشيف، الذى سبق وأن لعب ضمن صفوف ريال مدريد، حيث شارك فى البداية مع ريال مدريد كاستيا فى عام 2009 ثم ظهر بقميص النادى عام 2012.

 انتقل بعد ذلك إلى إشبيلية ومن ثم فياريال قبل أن ينضم لنادى فالنسيا لكنه سرعان ما عاد للانضمام لناديه السابق فياريال عام 2016.

تزاحم رياضات عدة كرة القدم فى روسيا حيث عشق "هوكى الجليد" والألعاب الأولمبية وكرة السلة وغيرها من الرياضات التى جعلت كرة القدم فى مرتبة ثانية لدى الشعب الروسى الأمريكان فوتبول لازالت رقم واحد للأمريكان رغم أن بعض الأشخاص يرون أن كرة القدم رياضة عادية مثل كل الرياضات الأخرى، إلا أن البعض الآخر متأثر بها لأبعد الحدود حيث يتخذها البعض أكثر من رياضة عادية وإنما طريقة من أجل التعبير عن مشاعر الحب والعشق وأحيانا حتى الغضب.

.
 

والمتابع لتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وكرة القدم سيجد أن هناك علاقة طرديه بين الشعب الأمريكى واللعبة بشكل مثير للبحث، وذلك على الرغم من استماتتهم لتنظيم مونديال 2026 وهو ما نجحوا فيه بالفعل. 

تشكل الرياضة فى الولايات المتحدة جزءا مهما من ثقافتها، وتتوارى كرة القدم للمرتبة الخامسة فى اهتمامات الشعب الأمريكى حيث تأتى اكثر الرياضات الشعبية فى الولايات المتحدة الأمريكية على الترتيب، كرة السلة ثم كرة القدم الأمريكية ثم البيسبول ثم هوكى الجليد وتأتى من بعدهم كرة القدم.

كرة القدم هى أقل شعبية كرياضة من حيث المتابعة فى الولايات المتحدة مما هى عليه فى العديد من البلدان الأخرى، رغم أن منتخب الولايات المتحدة للسيدات هو بالترتيب الأول فى العالم، كما أن الدورى الأمريكى لكرة القدم يجذب شعبية متزايدة ومن أسباب هذا هو جلب نجوم عالميين مثل ديفيد بيكهام الذى وقع مع فريق لوس أنجلوس جلاكسى وتييرى هنرى الذى انضم إلى فريق نيويورك ريد بولز وغيرهما الكثير.

لم تصل أمريكا إلى نهائيات كأس العالم روسيا 2018، على الرغم من نتائج الفريق المتواضعة فى كل المشاركات الماضية، باستثناء مونديال البرزايل التى تخطت فيه أمريكا دور المجموعات، إلا أن غيابه عن مونديال روسيا يعد الأول منذ مونديال المكسيك 1986، وذلك عقب خسارته أمام ترينيداد وتوباجو، ولم يحقق الأمريكان سوى 3 انتصارات من أصل عشرة فى مشوار الفريق بالتصفيات.

الصين " الأموال لا تصنع المواهب"
.
 

تميز الشعب الصينى بحب الألعاب القتالية، فبعيدا عن "الكراتيه" و"التايكوندو" تميزت "الصين" ببعض الألعاب القتالية المختلفة والغريبة، وكانت من بينها رياضة "الوشو" التى تعد أكثر الفنون القتالية شهرة بين الصينيين، لما تجمعه بين القوة والقتال وسبل الدفاع عن النفس، وفى نفس الوقت تتسم بحركات فنية واحترافية عالية لا يجيدها سوى المتمرسين.

وفى السنوات الثلاث الأخيرة أصبحت الصين قبلة للكثير من النجوم الأوروبيين واللاتينيين وغيرهم بسبب الرواتب الضخمة، التى تدفعها الأندية الصينية.

وأصبحت مؤخرا كرة القدم محط اهتمام المسئولين فى الصين، إلا أن شغف واهتمام قطاع كبير من الشعب الصينى ينصب تجاه العديد من الألعاب التى معظمها قتالية وذلك على الرغم من إنفاق المليارات فى سبيل نشر حب اللعبة وتشكيل مواهب والظهور بمنتخب فى المحافل المونديالية.

 38 مليون يورو يحصل عليها الأرجنتينى كارلوس تيفيز جعلته يترك جنة أوروبا ليذهب إلى الصين، أوسكار يترك تشيلسى فى سن الـ24 إلى شانجهاى من أجل 22 مليون يورو يتقاضاهم البرازيلى.

الكثير والكثير من اللاعبين فى الدورى الصينى باتوا يتقاضون أجورا ضخمة للغاية مقارنة بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

خرج نادى جوانزو إيفرجراند الصينى ببيان رسمى أكد فيه أنه رفض عرضا مغريا من برشلونة الإسبانى أحد أباطرة الكرة العالمية لضم البرازيلى باولينيو لاعب خط الوسط، وكان جليا أن النادى الصينى ليس فى حاجة لأموال نظيره الكاتالونى.

كذلك لم نر تذمرا من اللاعب الذى أكبر تجاربه كانت مع توتنهام، والتى لم تكلل بالنجاح، بالتالى تتوقع أن رغبته فى اللعب بجانب ميسى وسواريز ونيمار أكبر من البقاء فى الصين.

ويحاول المسئولون الصينيون باستماتة جذب مشاهير كرة القدم، وجاء على سبيل المثال دروجبا نجم نادى تشيلسى، والذى انتقل ليلعب فى نادى شنغهاى الصينى فى عام 2012.

شعوب تتغذى على كرة القدم "أصله معداش على مصر"

على مدار ساعات قبل بدء المباراة بين المنتخبين البرازيلى والكوستاريكى، فى دور المجموعات بمونديال روسيا المنقضى أشعل مشجعو المنتخب اللاتينى، أجواء مدينة سان بطرسبرج الروسية، لترقص المدينة كلها السامبا.

وتحولت المنطقة المحيطة باستاد كريستو فيسكى إلى كرنفال كبير أعاد إلى الأذهان الاحتفالات الضخمة التى عاشتها المدن البرازيلية، خلال المونديال السابق، عام 2014.

وتسابق مشجعو البرازيل، إلى ممارسة كل أنواع الاحتفالات، بداية من رقصة السامبا الشهيرة ومرورا بالعديد من الأغانى والهتافات الحماسية.

ليس هذا فحسب فشهدت شوارع وأزقة البرازيل احتفالات حتى الصباح بعد فوزهم أمام كوستاريكا واقتراب خروج الأرجنتين من دور المجموعات بعد تلاقيهم خساره مهينة امام كرواتيا بثلاثة أهداف دون رد وتعادلهم فى المباراة الأولى أمام أيسلندا

ليست البرازيل فحسب قد يكون من السهل أن نتكهن أن دولًا كألمانيا، اسبانيا أو انجلترا هى الأكثر ولعًا بكرة القدم فى القارة العجوز نظرًا لحجم التغطية الإعلامية التى تنالها دورياتها وقوة منتخباتها.

كما أن الإعلام يستثنى بالمقابل دولًا قد تكون أكثر تعلقًا بكرة القدم لكنها لا تملك دوريات بذات الحجم والقوة الإعلامية.

ومع البحث والتدقيق أكدت العديد من الدراسات أن أيسلندا هى أكثر الدول الأوروبية تعلقًا بكرة القدم، فالدولة التى تلعب دوريها فى أربعة أشهر فقط (نظرًا للبرد القارص فى باقى الأشهر) هى أكثر الدول تعلقًا بكرة القدم. حب الايسلنديين الكبير لكرة القدم دفع الحكومة لاستثمار أموال طائلة فى بناء ملاعب داخلية فى معظم أنحاء البلاد.

 أما سبب هذا الحب الكبير فيعود لمباريات الفرق الانجليزية التى كانت تعرض فى سبعينيات القرن الماضى يوم السبت وتحولت إلى أكثر البرامج مشاهدة على التلفزيون الأيسلندى.

 ولذلك وجدنا الأيسلنديين يتواجدون فى صدارة قوائم أكثر الشعوب لعبًا، تتبعًا ومشاهدةً لكرة القدم فى اوروبا.

وفى مصر يمكنك بكل سهولة محو كل ما يمثل أى أزمة سياسية بمباراة كرة قدم، فمنذ أن تأهل المنتخب المصرى لكأس العالم عقب الفوز على الكونغو فى التصفيات بهدفين مقابل هدف ولا صوت يعلو فوق صوت كرة القدم فى مصر

فى الشوارع والمقاهى فى المدارس والجامعات، لا حديث سوى عن منتخب مصر ومحمد صلاح النجم المصرى الذى أصبح أيقونة يحتذى بها الشباب المصرى ويتفاخر بها فى كل مكان تفنن المصريين فى الهتافات لتشجيع منتخبهم وتملأ أرجاء المحروسة السيارات والأعلام عقب أى انتصار ولعل أبرزها فى كأس الأمم الإفريقية لعام 2006 التى كست شوارع الجمهورية بأكملها أعلام مصر وأجواء البطولة التى حققتها مصر فى النهاية فبالمقارنة بين أجواء الشوارع المصرية فى كأس الأمم الإفريقية وشوارع مدن روسيا المستشيفة للمونديال بمختلف أسمائها ستجد الفارق الكبير بين شعوب تلعب كرة القدم وشعوب أخرى تتغذى عليها.

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر