«نادرة أمين شتا».. أول مطربة تغنى للجيش المصرى

نادرة أمين شتا نادرة أمين شتا
 
أحمد رمضان الديباوى

 إحدى صانعات الونس والبهجة اللاتى طواهن النسيان والتجهيل فى القرن الماضى، ولا يكاد كثيرون يعرفون عنها شيئا، خصوصا مع بزوغ نجم فنّانات كثيرات معاصرات لها، كأم كلثوم.

 الثابت أنها وُلدت فى حى عابدين بالقاهرة عام 1906 لأبّ مصرى الأصل والنشأة، ولأمّ شاميّة، ربما من لبنان، فكانت ملامحها جميلة، وذات بشرة بيضاء، ولعل هذا هو ما جعل كثيرين يظنون أن أصولها شامية، حتى إنهم أطلقوا عليها اسم "نادرة الشاميّة"، لكنها مصرية الأصل من ناحية أبيها "أمين مصطفى شتا"، ومسقط رأس عائلتها فى مدينة رشيد التابعة الآن لمحافظة البحيرة، ومما يُعجب منه أن موسوعة "ويكيبيديا" تخطئ فى اسمها ونسبها، فتسميها "أناسى زخاريان"، ومن الطرائف أن أم كلثوم كانت تنفى عن "ناردة أمين" مصريتها، نظرا لأنها كانت تنافسها بقوة!

 

فى سنوات حياتها الأولى التحقت "نادرة" بكازينو وصالة "بديعة مصابنى” فى عماد الدين، قِبلة الفنّ فى ذلك الوقت، وتنافست مع منيرة المهديّة وفتحية أحمد، حتى لفتت الأنظار، ليس بصوتها فقط، بل بقدرتها على التلحين وإجادتها العزف على العُود، وهو ما ميّزها عن زميلاتها الأُخريات، وفى العام 1932 لعبت دور البطولة فى فيلم غنائى، هو الأول فى تاريخ السينما المصرية، اسمه "أنشودة الفؤاد"، ومن الطرائف والنوادر أن أحد الممثلين معها فى الفيلم كان هو الملحن الشيخ زكريا أحمد، وبعده مثّلت فى فيلمين أو ثلاثة أفلام أخرى، حتى لفتت الأنظار إليها إلى درجة أن محمد عبد الوهاب رغب فى أن تشاركه بطولة فيلمه "الوردة البيضا"، لكنها أصرّت على أن يتولّى رياض السنباطى تلحين أغانيها فى الفيلم، ليرفض عبد الوهاب ذلك الأمر تماما، فيفشل مشروع اشتراكها معه فى البطولة.

 أهم ما ميّز المطربة "نادرة" أنها كانت ذات حِسّ موسيقى واضح؛ ذلك أنها لم تكتفى بالغناء فقط، بل إنها أجادت العزف على العُود – كما أشرنا سالفا – ولعل ذلك يرجع إلى عشقها المبكر لأغانى وأدوار الموسيقار سيد درويش، فقد كانت "نادرة" تحفظ تسجيلات أغانيه وأدواره تلك على ظهر قلب، وكانت تفضّل العزف على العود بنفسها وهى تغنى على المسرح،

 كانت المطربة "نادرة" أول مطربة مصرية تغنّى للجيش المصرى، فقد قامت بالغناء للجيش فى عام 1948 إبّان حرب فلسطين، فغنّت أغنيتها الوطنية (يا مصرى قوم احمِ الوطن)، وكانت أغنية مشهورة وقتذاك، كما غنّت للجيش المصرى أيضا إبان ثورة 23 يوليو أغنيتها (آه يا بحر النيل الغالي)، وبعد أن نالت نجومية كبيرة وشهرة فائقة، عكفت طائفة لا يستهان بها من الملحنين المشهورين على التلحين لها؛ مثل محمد القصبجى، داود حسنى، محمد عبد الوهاب، محمود الشريف، رياض السنباطى، فريد غص، وغيرهم، ومن أشهر أغانيها: لمّا بدا يتثنّى.. ما احتيالى يا رفاقى.. بين الزهور والميه.. ساعة الصفو، وكانت تلك الأغنية من كلمات وأشعار عباس محمود العقّاد، كما طرقت أيضا باب الغناء الديني؛ فسجّلت للإذاعة المصرية دعاء (يا ربّ هيئ لنا من أمرنا رشَدًا)، ومن الطرائف أنها تولّت بنفسها تلحين هذا الدعاء.

رحلت المطربة "نادرة" فى عام 1990، وقبل ذلك التاريخ، وفى ستينيات القرن الماضى اعتزلت الغناء تماما، ولولا أن الرئيس جمال عبد الناصر قرّر صرف معاش شهرى لها لما وجدت ما تنفقه على نفسها.


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر