تارا فارس.. آخر ضحايا ميليشيات الاغتيال الغامضة فى العراق

تارا فارس تارا فارس
 
أحمد رمضان الديباوى

بعد يومين، فقط، من اغتيال الناشطة المدنية العراقية سعاد العلى، مديرة (منظمة الود لحقوق الإنسان) على يد مسلحين فى البصرة أقصى جنوب العراق، أعلنت السلطات الأمنية العراقية، مساء الخميس الماضى، مقتل وصيفة ملكة جمال العراق السابقة، الفاشينيستا تارا فارس شمعون (22 عاما)، فى هجوم مسلح نفّذه مجهولون وسط العاصمة بغداد، أطلقوا ثلاث رصاصات «طلقتان فى الرأس والثالثة بمنطقة الصدر» عليها داخل سيارتها، ولاذوا بالفرار، فتوفيت فى الحال.

ولدت «تارا فارس» فى العام 1996، وفازت بلقب وصيفة ملكة جمال العراق، فى مسابقة أقيمت عام 2014، كما فازت بلقب ملكة جمال بغداد عام 2015، وهى تعيش بين العراق وتركيا، وكانت تعمل فى مجال الدعاية والإعلان لأشهر الماركات والبراندات العالمية، وتُعدّ إحدى أشهر عارضات الأزياء فى العراق خلال السنوات الأخيرة، حتى إن صفحتها فى "إنستجرام" قد تخطّت المليون متابع لها منذ العام 2015.

باتت عمليات الاغتيال فى العراق متكررة فى الفترة الأخيرة، وهى عمليات تدبرها وتنفذها مجموعات مسلحة بحق إعلاميين وناشطين وأطباء واختصاصيات فى التجميل، فى وقت صنّف فيـه مؤشر السلام العالمى الأخير العراق بأنها أحد أخطر بلدان العالم بعد سورية وأفغانستان وجنوب السودان، وهو ما يشير إلى تدهور الأحوال الأمنية فى العراق، ومدى عجز الحكومة المركزية عن ضبط الأمن، والحيلولة دون وقوع مزيد من جرائم القتل، ولا سيما تلك الجرائم التى تستهدف شخصيات بارزة ومشهورة، معظمهن من النساء، مثل رفيف الياسرى ورشا الحسن، اللتين توفيتا فى أغسطس الماضى!

تركيبة المجتمع العراقى تركيبة محافِظة للغاية، سواء كانت سنية أم شيعية، ولعل جرأة تارا فارس فى تناول بعض القضايا الاجتماعية فى صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، كان أحد أسباب اغتيالها بهذه الكيفية المرعبة، فقد كان معروفا عنها أنها جريئة، وبسبب شهرتها وذيوعها على صفحات التواصل الاجتماعى نالت شهرة واسعة، جعلت العيون كلها تتابعها، وترقبها، وتركض خلف أخبارها وصورها ومنشوراتها، ومما هو جدير بالذكر أنها تلقّت أكثر من تهديد، الأمر الذى جعلها تفكر فى الهجرة من العراق بشكل نهائي، لكن القدر لم يمهلها، لتلقى حتفها بهذه الطريقة المرعبة، فى تحدّ صارخ من الميليشيات العسكرية المسلحة للحكومة المركزية فى العراق.

اغتيال تارا فارس، واغتيال شخصيات عراقية قبلها، دليل على أن العراق وحكومة حيدر العبادى، تحديدا، لا تستطيع حتى الآن ضبط الأوضاع الأمنية فى البلاد، ويبدو جليا أن الاضطرابات السياسية أحد أهم أسباب ذلك، على الرغم من أن الساحة السياسية فى العراق تشهد حراكا واسعا بين القوى الفائزة لتشكيل الكتلة الأكبر تمهيدا لتكليفها بتشكيل الحكومة المقبلة، ومما هو جدير بالذكر أن الأشهر الماضية، التى تمت فيها عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية، قد شهدت احتجاجات واسعة فى جنوب العراق اعتراضًا على الفساد الإداري، والبطالة، بالإضافة إلى انعدام وجود الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء، فضلا عن حملات الاعتقال العشوائى هنالك.

لا شك أن الاغتيالات التى تطال سياسيين وفنانين ونجوم مجتمع وغيرهم من أبناء المجتمع العراقى ذى التركيبة القبلية والعشائرية والطائفية المعقدة، تهدف بالأساس إلى نشر الفوضى وايقاع الفتنة بين ابناء المجتمع العراقى أو حتى الكتل السياسية، والمشكلة أن الحكومة وأجهزتها الأمنية والمخابراتية لم تعد تستطيع الكشف عن مرتكبى تلك الجرائم، ما يؤكد أن حمامات الدم فى العراق لن تتوقف، حتى كأنها تنافس التدخلات الأمريكية المتتالية فى العراق!!  


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر