سارة فؤاد تكتب: 5 وجوه أضافت الملح والفل لـ"نصيبى وقسمتك"

نصيبى وقسمتك نصيبى وقسمتك
 
 
سارة
 
"تقابل ناس تفارق ناس وماشيه الحياه عادى".. على شاكلة تلك الأغنية تتفصل حيوات الملايين، فلكل منا عالمه الخاص بدءا من مرحلة الطفولة مرورا بمرحلة الشباب ثم الشيخوخة والعجز، وعلى مدار كل تلك المراحل نقابل العديد من الشخصيات المختلفة منها البسيطة السلسة التلقائية والسوية أو المعقدة المركبة المتناقضة غير السوية ومنها نكتسب خبراتنا وتتشكل شخصياتنا، تخيل معى أن تتجسد تلك الشخصيات التى قابلتها أو سمعت عنها أمامك على شاشة التلفاز فتخطفك إليها وتجعلك تتابع تصرفاتها بانتباه شديد كأنك ترى مخزون خبراتك مجسد على الشاشة فطبيعى جدا أن تصل لأقصى درجات الاندماج مع ما تشاهده من حكايات أبطالها تلك الشخصيات وهنا تحدث حالة التماهى الكاملة أو المعايشة وما يسمى "الإمتزاج العاطفى" مع الشخصية وهى الحالة التى يشعر معها المتلقى أنه بطل الحكاية المعروضة أو يجد فيمن يتابعه من الشخصيات أخيه أو أخته أو زوجته أو صديقه أو جاره فتتحقق حالة المعايشة تلك، حالة فريدة من نوعها وتعد أقصى درجات النجاح لأى عمل فنى، تلك الحالة التى ينقلها لنا –كمتلقيين- مسلسل "نصيبى وقسمتك" فى جزئه الثانى خاصة عندما يجسد تلك الشخصيات مجموعة من الوجوه الفنية صاحبة الموهبة العالية والاحترافية فى الوصول للمتلقى دون إستئذان.
 

*محمد مهران فى دور أحمد –حكاية "لحظة من فضلك" *

1
 
أولهم -بترتيب الحكايات –شخصية "أحمد" الزوج الضعيف العاشق لزوجته عشق مرضى لا يرى سواها ولا يستطيع العيش بدونها، لديه استعداد أن يخسر أى شخص حتى وإن كانت والدته فى سبيل عدم خسارتها هى حتى ينتهى به الحال إلى غضب أمه عليه ووفاتها حزنا منه، وهنا تأتى نقطة التحول فى شخصيته، بعد أن كان شخصا ضعيفا مذلولا لزوجته ونلمس ذلك من نبرة صوته المنخفضة دائما مع تلعثمه فى الكلام فى أى مشادة كلامية بينهما ورأسه المنحنية لأسفل فى حديثه معها مع نظرة الضعف والانكسار فى عينيه، يتحول كل ذلك إلى قوة وجبروت وشجاعة ظهرت فى نبرة صوته العالية القوية ولغة جسده ونظرة عينيه، التى تملؤها مشاعر ندم على ما فعله بأمه مع كره لزوجته، التى كانت السبب الأساسى فى موتها وأخيرا استطاع أن يلومها وينعتها بالشيطان، تحول كبير فى الشخصية لا يستطيع أن ينقله للمتلقى سوى ممثل متمكن من أدواته ويعرف كيف ينقل ذلك الـswitch أو التحول الجذرى بمنتهى المصداقية.
 

*أحمد العوضى فى دور زياد – حكاية "نظرة فابتسامة" *

2
 
من أكثر الشخصيات، التى أثرت فى المتلقين خاصة النساء كمن وجدوا ضالتهم أو باللغة الدارجة "لقوا لقية"، أخيرا عثروا على فارس الأحلام الذى يبحثون عنه طيلة حياتهم وعندما وجدوه –حتى وإن كان على الشاشة – وجدوه يتم الغدر به من زوجته، التى تخونه مع أعز أصدقائه فالوجع هنا وجعين، وما زاد قهرتهم عليه هو تسبب ذلك فى إصابته بجلطة فى القلب أودت بحياته، وهنا كان لسان حالهم "جت الحزينة تفرح مالقيتلهاش مطرح" أى عندما وجدوا فارس أحلامهم ومن يتمنونه بكل المقاييس مات كأنه كان آخر أمل لهم للعثور على رجل يتميز بالشهامة والحنان، وهنا لم يفرق المتلقى بين الحقيقة والدراما، وما ساعد على الوصول لحالة التماهى هذه أداء أحمد العوضى الحقيقى والبسيط فقد تضافرت كل أبعاد الشخصية لتترك ذلك الأثر وتخلق الشخصية المثالية للزوج، منها البعد الجسمانى فهو شاب رياضى قوى البنية وسيم الوجه والبعد الاجتماعى فهو ناجح فى عمله مستواه الاجتماعى فوق المتوسط وأيضا البعد النفسى، وهو أهم ما يخلق المعايشة للأحداث فهو رجل سوى يحب زوجته ويتمنى لها الرضا دوما ويتجنب أى مشكلة بل ويبادر بمصالحتها حتى وإن كانت هى المخطئة فى حقه، تلك الأبعاد خلقت شخصية "زياد"، الذى أداها الفنان أحمد العوضى بحرفية عالية جدا من نظراته الحانية لها وصوته المنخفض فى أى خلاف فبالرغم من قوته الجسدية، إلا أنه يتحول إلى طفل أمامها من شدة حبه لها، كما ظهرت مهارته التمثيلية فى مشهد مواجهة زوجته بخيانتها له والدموع تملأ عينيه دموع ممزوجة بالصدمة والحسرة ولم يعنفها أو يضرها فقط اكتفى بجملة "إنتى ليه محبتنيش هو أنا ناقصنى حاجة هو أنا قصرت معاكى فى حاجة"، فيا نساء العالم من منا لا يحلم برجل مثل هذا.
 

*حنان مطاوع فى دور هدى – حكاية "604" *

3
 
 
فتاة غانية تكسب قوت يومها من الدعارة، تكره عملها وتتمنى تركه بأسرع وقت، بداية حكاية تعتقد أنها عادية مكررة تؤديها الفنانة حنان مطاوع، حيث نراها فى الدقائق الأولى تنظر لنفسها فى المرآة نظرات تحمل كل معانى الوجع واستحقار الذات والرفض مما ينتج عنه قرارها بترك ذلك العمل المشين وعبرت عن ذلك بإزالة كل ما تضعه على وجهها من مستحضرات التجميل، والذى يمثل الـmask أو الغطاء الذى يخفى حقيقتها النقية كأنه رداء الغوانى الذى تتخلص منه، تمر الأحداث ويتسلل لتلك الشخصية العاصية ولروحها الهدوء والسكينة كلما اقتربت من ربها ومن معرفة حقيقة نفسها ودورها، الذى خلقها الله من أجله ويظهر ذلك الهدوء على درجات ومراحل بمرور حلقات الحكاية من خلال نبرة صوتها التى تهدأ ونفسيتها التى تتحول من العصبية الشديدة للسكينة ووجهها الذى تظهر عليه الابتسامة والراحة راحة النفس المطمئنة، كل تلك الانفعالات مع لغة الجسد ونبرة الصوت ونظرة العين لم أتخيل أن تؤديها ممثلة آخرى سوى حنان مطاوع التى تلبس الشخصية كلية حتى تشعر أنك تشاهد بالفعل "هدى" وليس "حنان مطاوع"، وذلك نادرا ما نراه على شاشاتنا المصرية مما جعل الكثير من المتلقين وخاصة النساء يبحثون عن ذاتهم الحقيقية ودورهم فى الحياة ويعيدون النظر مرة أخرى لكل شىء وهنا كان التأثير الإيجابى.
 
 

*ريم مصطفى فى دور سلمى –حكاية "إهدى يا مدام" *

4
 
الزوجة النكدية العصبية، التى يقال عنها "روحها فى مناخيرها"، يهرب منها أى رجل، إما بعدم التواجد معها فترات طويلة أو خيانتها أو بالانفصال عنها، وهنا جاء الحوار الذى كتبه المؤلف عمرو محمود ياسين يحتمل نوعين من الأداء لتلك الشخصية، إما الأداء التقليدى لزوجة عصبية تخلق النكد والمشاكل نبرة صوتها عالية دائما تستفز الجميع بأسلوبها، أو الأداء الكوميدى لنفس الشخصية مما يجعلك تضحك معها وعليها وتشبهها بـ"فلانه" صديقتك أو أختك أو زوجتك وتلك هى الإضافة، التى أختار أن ينتهجها طاقم العمل وجسدتها الفنانة ريم مصطفى بشكل تلقائى جدا، حتى وصلت الشخصية للمتلقين ولم ينفروا منها بل بالعكس تعاطفوا معها، فهى فنانة تستطيع أن تؤدى الشخصية بأكثر من أداء ولكنها اختارت الأداء الأصعب "الكوميدى" وهنا ربحت حب المتلقين لها وأثبتت مهاراتها التمثيلية المتنوعة.

*أحمد مجدى فى دور آدم –حكاية "جدول الضرب" *

5
 
من منا لم يقابل شخصية الرجل الشرقى المتناقض فى كل شىء ومنها التناقض بين كلامه الرومانسى مع خطيبته وصراخه بها وضربه لها عندما تكون زوجته أو تناقضه بين إعجابه بشكل فتاة غير محجبة وطريقة ملابسها وبين إجبارها على الحجاب بعد الزواج حتى تشبه أمه وأخته أو مشاعره المتضاربة غير المفهومة بين أفعال الإهانة والضرب، التى لا تعبر إلا عن الكره وبين ركوعه بين قدمى تلك المُهانة والدموع تغمر عينيه طلبا للسماح، أعتقد أن ما أكثر تلك النوعية من الرجال فى مجتمعاتنا الشرقية خاصة فى الوطن العربى، شخصية مركبة معقدة متناقضة قام بتجسيدها الفنان أحمد مجدى فى دور مفاجئ لكل من يتابع أعماله لكنها مفاجأة سارة فقد أبرز هذا الدور موهبته فى التلون فقد خلع عباءة الشاب الوسيم الرومانسى وارتدى عباءة شخصية عنيفة مركبة مليئة بالتناقضات لا يقدر على توصيلها للمتلقى سوى "معَلِم" وليس تلميذ مؤدب جميل ملتزم.
الكلمات تبقى كلمات فى سطور بدون روح وموهبة تحييها وتجسدها بمهارة أساتذة وليس مجرد شباب موهوبة.

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر