شريف دسوقى يحكى رحلته من مسارح الإسكندرية إلى أحسن ممثل فى القاهرة السينمائى

شريف دسوقى شريف دسوقى
 
حوار باسم فؤاد
النجاح لا يأتى صدفة، ويلزمه رحلة طويلة من المحاولات التى لا تخلو من لحظات فشل وإحباط لكن الإيمان بالنفس والإصرار يصنع المعجزات، وتتحول قصص هؤلاء لنماذج ملهمة آخرهم الفنان شريف دسوقى الحائز على جائزة أحسن ممثل من مهرجان القاهرة السينمائى عن دوره فى فيلم "ليل خارجى" ليقدم جواز عبوره إلى أضواء السينما بعدما قضى عمرًا يتنقل بين المسارح ممثلا ومخرجا ومؤلفا، فى رحلة طويلة عمرها 25 عاما يكشف أسرارها وكواليسها فى حواره مع عين.
 
ماذا غيرت الجائزة فى شريف دسوقى؟
ولا هتغير.. أساتذتى فى أكاديمية الفنون وآداب مسرح علمونى لما أخد جائزة أحتفل مرة واحدة بس وتانى يوم أفكر فى اللى بعد كدة وأبدأ من أول وجديد.. وأنا الحمد لله عندى عدد من الجوائز قبل "ليل خارجى" على مدار 25 عاما من العمل بالمسرح إذ حصلت على 16 جائزة فى مسابقات وزارة الثقافة، ما بين التمثيل والإخراج ‏والسينوغرافيا والكتابة، بالإضافة إلى حصول فيلمى القصير"حاوى" على جائزة أفضل فيلم على مستوى العالم فى أحد مهرجانات المغرب.
 
هل كنت تتوقع فوزك بجائزة أحسن ممثل فى القاهرة السينمائى؟
نهائى.. ما بحبش أسرح بخيالى عشان ماتصدمش لو مخدش الجائزة.. أتذكر أنى كنت فى الأوبرا أنتظر ردود فعل الجمهور بعد العرض وناس كتير قالتلى هتاخد جائزة، بجانب منافسين لى فى المسابقة من مختلف دول العالم توقعوا لى حصولى على جائزة، والحمد لله ده نتاج سنين طويلة من الاجتهاد والمثابرة.
 
من هنأك من النجوم الكبار؟
يسرا وأنوشكا وصبا مبارك وأحمد داوود وأحمد مجدى، وأتذكر أننى سافرت المغرب فجر يوم حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائى لمشاركة "ليل خارجى" فى مهرجان مراكش السينمائى، واستقبلنى الإعلام والصحافة المغربية منذ أن وطأت قدمى أرض المغرب احتفالا بحصولى على جائزة أحسن ممثل.
 
ما أكثر الجمل من المهنئين التى علقت بذهنك؟
الفنان أحمد مجدى قال لى: "إحنا بنشتغل المهنة إنما أنت حد بجد وعندك مصداقية" وأخذت وقتا طويلا متأثرا بهذه الكلمات، وأود أن أوضح أن أساتذتى دربونى على هذه المصداقية كثيرا.
 
تذكر أساتذتك باستمرار.. إلى من تدين بالفضل؟
أدين بالفضل للدكتور سامى عبد الحليم الأستاذ بالمعهد العالى للفنون المسرحية وأعتبره أستاذى وأبويا ودائما يدعمنى، والراحل د. سامى صلاح أحد أعمدة أكاديمية الفنون، وأخيرا الدكتور أشرف زكى نقيب الممثلين ورئيس الأكاديمية.
 
منحك الدكتور أشرف زكى عضوية النقابة بعد فوزك بالجائزة.. ماذا تقول له؟
كل كلمات الشكر للدكتور أشرف زكى لا يمكن أن تكفى، عمرى ما فكرت أطارده مثل البعض من أجل عضوية النقابة، وكنت طول الوقت منزعج وخايف مجهود السنين يروح هدر، لكن الحمد لله ربنا عوضنى مجود 30 سنة شقاء ومجهود وعمل.
 
بالطبع الجائزة منحتك جواز العبور للسينما والدراما.. ماذا عن أعمالك المقبلة؟
أتعاقد خلال أيام على مسلسل من بطولتى لعرضه رمضان المقبل، تلك الخطوة التى أنتظرتها سنوات طويلة.
 
ماذا قال لك المخرج الدانماركى "بيل أوجيست" رئيس اللجنة بعد مشاهدة ليل خارجى؟
بيل أوجيست مخرج كبير وحائز على جوائز أوسكار وكان ومعندهوش مجاملات، وعرفت عن طريق حد متواجد معاه طوال الوقت إنه قال عنى: "ممثل واعد وأمهر ما فيه أنه يجمع أداءه التمثيلى من الناس فى الشارع وطول الوقت أنا شغال على ده.
 
اتهمت بتقليد الفنان الراحل محمد شرف.. ما ردك؟
متعود على النوع ده من الصحفيين اللى "يضرب كرسى فى الكلوب"، لكن أنا أرد عليه بأنه شافنى شبه حد بلدياتى وعشرة عمرى وكنا أكثر من أخوات، لكن أنا مختلف عن محمد شرف، أنا شخص قائم بذاته ولست شبه شرف شكلا وموضوعا، وللأسف لدينا موروث فى المشاهدات، عندما نشاهد فنانا صاعدا نقول ده شبه فلان.
 
البعض لاحظ سيطرة لهجتك السكندرية على حوارك بالفيلم دون مبرر درامى؟
ده كان مقصود وبالاتفاق مع المخرج أحمد عبد الله، أنا أجسد دور سائق فى لوكيشن إنتاج، ومعروف إن العمال فى كواليس أى عمل من محافظات مختلفة ونادرا ما تجد الفنيين فى اللوكيشن من القاهرة.
 
من المعروف أن المسرح لا يمكن الاعتماد عليه كمصدر رزق.. ما هى مهنتك الأساسية بجانب عملك كممثل؟
أنا كنت موظف فى الهيئة العامة لقصور الثقافة ولم أستطع تحمل العمل الوظيفى، وقررت الاتجاه للعمل الحر لكى أصرف من أجره على التمثيل.
 
 هل قلت تصرف من عملك على التمثيل؟
نعم أصرف على التمثيل لأنى أشعر بالمتعة وأنا على خشبة المسرح، فأضطر أنى أصرف من جيبى فى سبيل هذه المتعة.
 
وماذا بعد أن تركت وظيفتك فى وزارة الثقافة ؟
فى عام 2002 ومع ظهور تيار السينما المستقلة، نجوم وأسماء كبيرة عرفتنى، بعدها رشحت للفيلم القصير "حاوى" وكان السبب فى ترشيحى لفيلم "ليل خارجى"، وكنت كل هذه السنوات أشارك فى أعمال كثيرة مع فرق فى تونس والمغرب والنمسا وألمانيا .
 
 ألم يكن لديك مهنة غير التمثيل ؟
أنا فنى إضاءة، اكتسبت المهنة من خلال عملى فى المسرح، لأنى متربى فى مسرح إسماعيل يس بالإسكندرية ووالدى كان مديرا للمسرح، وشربت كل ما يتعلق بالمهنة ومنها الإضاءة، فكنت أجهز المسارح وأصمم إضاءة العروض، معنديش حد يصرف عليا، وكانت معاناة شديدة، وأيام موجعة لأن مش كل وقت بيكون فيه شغل، لكنى ربيت نفسى على التحمل وعارف إن ربنا هيكرمنى فى يوم من الأيام، كل هذه المعاناة تسببت فى ثقل موهبتى، وطوعت آلامى للفن، وده خلى الناس تقولى وشك مليان شجن مصرى.
 
هل لجأت لـ"مكاتب الكاستينج" من أجل الظهور فى السينما أو الدراما؟
مكاتب الكاستينج ظهرت فى أوائل الألفينات وعرفت وقتها إن الموضوع "مش fair" وعشان واعى لموهبتى مرضتش أروح وأقف فى طوابير طويلة، وفى الآخر اقرأ مشهد فى 10 دقائق على أساسه أقبل أو أرفض، كنت أفضل المشاركة فى أفلام قصيرة، وفى مونتاجها بيرشحونى لأعمال أخرى، وأقول لنفسى اصبر واتحمل لحد ما ربنا يريد.
 
كل إنسان ناجح يمر بمواقف محبطة.. هل مررت يوما بمثلها؟
بالطبع مررت بالعديد من المواقف المحبطة.. أتذكر أنى شاركت فى العديد من العروض مع مؤسات المسرح الحر، عرفوا إن شريف دسوقى ممثل وبيكتب وبيبنى مسرح، استغلونى لفترة لحد ما حققوا مصلحتهم، على الرغم من أن تلك المؤسسات تطلق على نفسها "داعمة الفنون" لكن فى الحقيقة هى تؤذى الكثير من الموهوبين، وده عطلنى كتير فى إسكندرية وخد منى سنين عمرى.
 
هل قال لك أحد المخرجين "أنت لا تصلح ممثلا ابحث عن مهنة أخرى"؟
فى 2010 كنت أقدم عرضا مسرحيا فى القاهرة، وخرج الجمهور يقول لمخرج العرض: "أفضل ما فى المسرحية شريف دسوقى"، والمخرج استفذ من ردود الأفعال وكان يتوقع أن يخرج الناس ويقولون له: "أنت مخرج جامد"، بعدها قال لى: "متصدقش الكلام ده .. هم بيجاملوك عشان شبه إسماعيل يس، وعشان متتعبش نفسيا أديك قدمت عروض فكر بقى فى حاجة تانية غير التمثيل هتلاقى نفسك وتعرف تعيش".
 
ولم يكن هذا الموقف الوحيد، بل تعرضت لمواقف مشابهة كثيرا، لكنها كانت تزيدنى إصرارا، لأنى أنا ثورى فى مهنتى، ممكن أزعل شوية لكن أقوم بسرعة.
 
كنت مدرب تمثيل.. مَن مِن النجوم خرجوا من تحت يديك؟
النجم مصطفى أبو سريع، والإعلامية إيمان سليم المذيعة بقناة المحور وهى خريجة كلية الآداب قسم المسرح وكنت أدربها على فنون الإلقاء ومخاطبة الجمهور.
 
لماذا لم تتجه إلى دراسة التمثيل فى بداياتك ؟
كنت أتمنى الالتحاق بالمعهد العالى للفنون المسرحة، لكن ظروفى المادية حالت دون ذلك .
 
والآن وبعد أن أصبحت نجمًا.. هل ترى أنك ما زلت بحاجة إلى دراسة التمثيل؟
بمجرد ما أحصل ماديا على قيمة أول عقد أمضيه مع شركة إنتاج، هقولك اكتب شريف دسوقى طالب فى المعهد العالى للفنون المسرحية، وأؤكد لك أنى يوميا أمارس الرياضة البدنية والفوكاليز بالإضافة إلى 3 أيام ارتجال كجزء من تدريبات الممثل،  وأواظب على هذا البرنامج وأتبعه بمفردى، لأنى تعلمت ذلك من الأجانب، وأتذكر ما قاله روبرت دى نيرو خلال حضورى مهرجان مراكش للفيلم فى المغرب، حين سئل ما الذى يجعلك تحقق كل هذا النجاح وتحافظ عليه، وأجاب: "لا أفقد تدريبى اليومى".
 
ماذا عن كواليس رحلتك الطويلة لجائزة أحسن ممثل بالقاهرة السينمائى؟
رحلة طويلة وشاقة، كانوا بيقولولى فى مسرح إسماعيل يس "متحددش لنفسك عايز تتشاف إزاى أو توصل امتى للاحتراف.. متقولش لازم أبقى نجم.. اجتهد وربنا هيوفقك"، عمرى ما كان هدفى السينما، لكن خلقت لنفسى مساحة من الحكى استوحيتها من البيوت والشوارع.. ونحت لنفسى طريق عشان مبقاش فى طابور المليون موهوب، فأنا أندهش حين أسمع أن 7 آلاف ممثل راحوا كاستينج فى استاد القاهرة للمشاركة فى أحد الأعمال الدرامية، فقلت لنفسى "دور على مساحة أخرى اتشاف منها"، ولقيت محدش بيحكى حكايات الشارع، كله بيحكى السيرة الهلالية وكم كتاب من السير الشعبية، فقررت أحكى تجاربى الشخصية وبالفعل حصلت على جائزة أحسن ممثل . 
 
كم شريف دسوقى فى مسارح مصر لا نعرف عنهم شيئا؟
فاكر عبده البقال اللى اكتشف الخطيب وطاهر أبو زيد ونجوم الكرة فى ذلك الوقت، كان بينزل المحافظات يدور على المواهب ويقول لرئيس النادى الأهلى "الواد ده هيبقى لاعب كويس".. جيل السينمائيين المستقليين عملوا كدة، ولذلك تعلقت بهم منذ ظهورهم أوائل الألفينيات، فمثلا أحمد عبد الله مخرج "ليل خارجى" نزل الإسكندرية مخصوص عشان يراقبنى على طريقة عباقرة الزمن الجميل اللى كانوا بينزلوا يدوروا على المواهب بأنفسهم.
لذلك؛ طريقة الفنانين المستقلين فى البحث عن الموهوبين فى محافظات مصر مبتكرة، واقترح بجانب ذلك فتح أفرع لمكاتب الكاستينج فى جميع محافظات مصر بهدف البحث عن الموهوبين بجد واختيارهم بكل شفافية، وده هيكون مفيد للصناعة. 
 
هل تعتقد أن المخرج لديه وقت للبحث عن الممثل فى المحافظات؟
عشان أكون منصف مروان حامد وتامر محسن بيدوروا على الممثل بأنفسهم، وأتذكر قبل ترشحى للفيلم، المخرج شريف البندارى رشحنى لفيلم قصير من بطولة ناهد السباعى، ووقتها كنت مقيم فى الإسكندرية، كلمنى أحد الفنانين المستقلين وقال لى شريف البندارى نازلك إسكندرية مخصوص عشان يقابلك، وبالفعل جاء وقعد معايا على القهوة فى منطقتى الشعبية اللى ساكن فيها، ولما مخرج "ليل خارجى" قابلنى فى 2017 قالى: "أنا شفت كل شغلك على مدى 10 سنين"، كنت بتحرك صح وعارف إن فيه أسماء مهمة هتشاور عليا فى وقت من الأوقات، بس الصبر.
 
تنتمى لمدرسة السينما المستقلة.. لو عرض عليك المشاركة فى أفلام السبكى هل توافق؟
لو السبكى كلمنى هوافق، أنا ممثل تربيت على أن أكون طيعًا فى السوق، عارف هوافق ليه عشان عندى هدف أغير الخلطة السبكية دى حتى لو على مستوى دورى والناس تقول ده ممثل مختلف.
 
رسالتك لكل الموهوبين فى مصر الذين لا نعرف عنهم شيئا
ربنا وهبنى الجائزة دى عشان أكون نموذج لكل الموهوبين وأدعوهم أن يتحملوا ويجاهدوا، ومحدش يطلع يقول الدولة مقصرة معانا، أنا لا أتهمهم ولكن بعضهم مستعجل ونفسه قصير، مفيش صبر ومقاومة وعايزين بطولة مع يسرا على طول، أنا قدمت عروض مسرحية فى الشارع عشان أكد تواصلى مع الناس، وعملت أراجوز فى منطقة محرم بك بالإسكندرية عام 2011، عشان كدة بقول لكل موهوب اصبر وعافر.

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر