سوسن بدر.. ملكة فى أدوارها واسمها على التتر ضمان لجودة العمل

سوسن بدر سوسن بدر
 
زينب عبد اللاه

شامخة كملكة فرعونية، سمراء عذبة مثل نهر النيل الذى تحمل كثيرًا من صفاته فتفيض دومًا بالفن والإبداع، تمتلك وجوهًا كثيرة، تفاجئنا بها فى كل مرة نراها، ولا نملك إلا أن نصدقها ونقتنع بها، فتراها حينًا بوجه سيدة صعيدية تحمل قوة الصعيد وقسوته، أو «هانم» أرستقراطية تهتم بأدق تفاصيل الإتيكيت، أو خادمة مظلومة أو بائعة شعبية، أو موظفة من الطبقة المتوسطة تحمل هموم الأسرة وتتحدث بصوت ولسان الأمهات، أو امرأة كادحة دهستها عجلات الفقر، وفى أدوار الشر تراها وكأنها حية تسعى تبث سمومها بنعومة ويسر.

إنها الفنانة الكبيرة سوسن بدر.. نفرتيتى الهاربة من المعبد كما وصفها المخرج الكبير شادى عبدالسلام، والذى لم يجد فى غيرها من يحمل مثل ملامحها المصرية الفرعونية لتجسد دور نفرتيتى فى فيلمه «إخناتون» الذى لم يكتمل.

سوزان أحمد بدر الدين ابنة الفنانة آمال سالم.. التى أصبحت سوسن بدر بعدما رآها شادى عبدالسلام صدفة فى المسرح القومى وكانت وقتها طالبة بالمعهد العالى للفنون المسرحية، ووجد فيها صورة نفرتيتى وإمكانيات تؤهلها لبطولة فيلمه الذى يحلم به عن إخناتون، والذى تعطل بسبب عدم وجود تمويل، ورفض أن يكون الفيلم بتمويل أجنبى، كما رفض أن تحمل بطلة الفيلم اسما أوروبيا «سوزان» واختار لها اسم سوسن حتى يكون اسمها مصريًا.

حفرت سوسن بدر اسمها فى سجل عباقرة الفن بمسيرة وأدوار مختلفة ومتنوعة أبدعت فى كل منها، وأمتعتنا بالكثير منها فى شهر رمضان.

تركت بصمتها المميزة فى كل عمل شاركت فيه حتى وإن لم تستحوذ على دور البطولة، ورغم مشاركتها فى عدد من الأفلام السينمائية ومنها «سلام ياصاحبى، شمس الزناتى، الشوق، احكى ياشهرزاد، الفرح، الأبواب المغلقة، الحرافيش، حبيبى دائمًا، لا تسألنى من أنا»، إلا أن أعمالها الدرامية منحتها مزيدًا من التنوع والتألق والنجومية.

لا يمكن أن تتخيل دورًا لا تستطيع أن تؤديه سوسن بدر ذات الموهبة الكبيرة والألف وجه، «جنية» تستطيع أن تتلون وتلبس أى شخصية.

تبدع وتبكيك وتستحق أفضل الجوائز حين تجسد دور المرأة المقهورة التى تسحقها الظروف، كما فعلت فى فيلمى «الأبواب المغلقة، والشوق»، وتتعجب كيف يمكنها أن تتحول لتجسد أدوار الشر بنفس البراعة التى تجعلك تقف أمامها مذهولًا، فيكفى أن ترى عيون «بدرة» الشريرة فى مسلسل الرحايا، وتستمع إلى أنفاسها وتتابع أداءها وتحركاتها لتشعر أنها حية تحمل كل شرور العالم وسمومه، وليست بشرًا.

ملامحها صعيدية عربية فرعونية، تؤهلها لأداء كل الأدوار، وببراعة فائقة تجسد الطيبة والشر والكوميديا، هانم وفقيرة، مقهورة ومتسلطة، طيبة وشريرة «فضة أم يونس، فى مسلسل يونس ولد فضة، وفرجة فى حديث الصباح والمساء، وعايدة فى أبو العروسة، وسهير فى عايزة أتجوز، وألفت فى الدالى، وسكينة فى جراند أوتيل، وجبرية فى البيت الكبير، وبنفس البراعة جسدت العديد من الأدوار فى المسلسلات التاريخية والدينية، ومنها أم الحاكم بأمر الله فى مسلسل الحسن ابن الهيثم، وليلى بنت عاصم فى «عمر بن عبد العزيز»، وزينب فى «الزينى بركات»، وعلياء فى «الإمام ابن حزم».

وسواء كان حجم الدور كبيرًا أو صغيرًا تستطيع نفرتيتى أن تكون ملكة فى دورها.

وعلى مدار سنوات قدمت سوسن بدر مئات الشخصيات والأعمال التى سكنت بها أرواحنا وشكلت وجداننا، وجعلتنا نثق فى جودة العمل قبل أن نراه طالما نرى اسمها على التتر، فنتأكد أنها ستبهرنا بوجه جديد من وجوه إبداعها، لأن الملكة ستمنحنا مزيدًا من جرعات المتعة والإبهار والإبداع.


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر