حكاية 4 لاعبين مع تغيير مراكزهم فى أرض الملعب

أحمد المحمدى أحمد المحمدى
 
أحمد إمام

من المعتاد دائماً أن تتألق وتظهر كل قدراتك الفنية فى مركزك الأساسى ولكن أحياناً تلعب الصدفة والقدر دوراً كبيراً فى حياة اللاعبين، ولما لا وربما تجبرك الظروف أو الرؤية الفنية المختلفة للمدرب على اللعب فى مركز آخر غير مركزك الأساسى، حينها يتوقع الجميع الفشل الذريع والمؤكد، خاصة أنه لا يجيد أساسيات هذا المركز ولم يلعب به من قبل أبداً، ناهيك عن غضب مشجعى الفريق وقتها كونهم على يقين تام بعدم إجادته للمركز، وبالفعل ما أكثر هذه التجارب فشلاً، إلا أن هناك بعض اللاعبون الذين استطاعوا كسر القاعدة، حيث انفجرت موهبتهم فى هذا المركز وقدموا كل ما لديهم فنياً، لتكون هى انطلاقتهم الحقيقة بل يكون ذلك هو باب السعد بالنسبة لهم، ولما لا وكل منهم يصبح واحداً من نجوم فريقه المتألقين ومعشوق الجماهير، بل هناك من وصل للمنتخب وشارك كأساسى وحقق الإنجازات.

وفى التقرير التالى نرصد 4 لاعبين تألقوا بشكل لافت للنظر فى مراكز غير مراكزهم الأساسية:

عبد الله جمعة

كان تعاقد الزمالك مع أكثر من لاعب سوبر فى بداية الموسم الحالى عقبة كبيرة أمام عبدالله جمعة، بل ما زاد الأمر سوءاً أنه لم يكن ضمن دائرة اهتمام السويسرى كريستيان جروس فى بداية الأمر حيث دفع باللاعب إبراهيم حسن بشكل أساسى فى مركزه، ليعيش جمعة أياما ليست سعيدة على الإطلاق، بعيدا عن البساط الأخضر، يخرج من قائمة المباريات، أمور تجعلك أمام مستقبل غامض غير مستقر، إلا أنه رغم كل هذا شاء القدر أن يكون عبدالله واحداً من نجوم الفريق الأبيض هذا الموسم.

فرغم أن الزمالك تعاقد مع الظهير الأيسر بهاء مجدى الذى كان متألقاً بشدة مع الدراويش خلال العام الماضى بل إنه انضم للفراعنة ومثل المنتخب الوطنى على فترات متباعدة، إلا أن بدايته مع الفريق الأبيض لم تكن موفقه إطلاقا حيث كانت بداية مهتزة ومقلقة نظراً لقلة خبرته، هذا بالإضافة إلى تكرار الإصابات التى كانت تبعده بشكل كبير كلما تواجد داخل أرضية الملعب، بينما بديله أحمد فتوح ابن قطاع الناشئين لازال لم يتطور بالشكل الكافى للعب بشكل أساسى لذا اتخذت إدارة الزمالك قراراً بإعارته لفريق سموحة.

ليجد جروس نفسه أمام أزمة حقيقية خاصة أن الجهة اليسرى أصبحت عبارة عن صداع كبير فى رأسه يتمنى أن يجد له حلاً فى القريب العاجل، ليقرر السويسرى برؤيته الفنية إشراك عبد الله جمعة فى هذا المركز لسد عجز هذه الجهة، وربما عندما اتخذ جروس هذا القرار لم يكن يتوقع تألق اللاعب الكبير واللافت للنظر به، حيث نجح عبد الله فى استغلال هذه الفرصة بشكل جيد للغاية وجعلك تشعر كأنه كان يلعب ظهير أيسر منذ أن كان ناشئا.

مع الوقت ومع توالى المباريات نجح عبد الله فى أن يكون ضالة جروس فى هذه الجهة سواء على المستوى الهجومى أو حتى الدفاعى، بل لك أن تتخيل أن علاقته توطدت بالجماهير بشكل كبير وأصبح معشوقهم ولما لا وهو يقوم بأساسيات المركز على أكمل وجه، حيث إن ما مميزه كثيراً هو قتاله من الدقيقة الأولى وحتى صافرة الحكم، أو يمكن القول إن عبد الله أصبح ظهيرا عصريا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، خاصة أن قدراته الفنية المميزة ساعدته كثيراً على شغل هذا المركز والإجادة فيه بشكل كبير، بل إن جميع المحللين والجماهير يرون الآن أن من حقه الطبيعى الانضمام للمنتخب خلال الفترة المقبلة.

أحمد المحمدى

ربما لايعلم البعض أن أحمد المحمدى بدأ حياته الكروية بفريق غزل المحلة فى مركز المهاجم الصريح إلا أنه لم يستمر كثيراً ليتحول بعدها بفترة إلى مركز الظهير الأيمن لتبدأ نجوميته الحقيقية حيث انفجرت مهارته فى هذا المركز وتألق بشكل لافت للنظر بل وأجاد أساسياته جيداً، حتى انتقل إلى نادى إنبى عام 2006 وأصبح واحداً من أفضل اللاعبين فى هذا المركز فى الدورى المصرى، ليدخل ضمن اهتمامات القطبين حينها، إلا أنه فضل أن يبدأ رحلته الاحترافية بانتقاله إلى فريق سندرلاند الإنجليزى عام2011 تقريباً.

ورغم أن المحمدى لم يلعب فى فرق كبيرة فى إنجلترا ولكنه نجح فى التألق وترك بصمة جيدة مع كل فريق لعب معه، حيث يحسب له حرصه الدائم على الاستمرار فى رحلته الاحترافية وعدم التفكير فى العودة إطلاقا كما يفعل معظم اللاعبين المصريين، بل إنه الآن واحد من نجوم فريق أستون فيلا.

أما على صعيد منتخب مصر فالمحمدى واحد من القلائل الذين نجحوا فى التواجد بقوة مع الفراعنة دون أن يكون مدعوماً بقوة القميص الأحمر والأبيض، بل إن تألقه وموهبته الكبيرة جعلته يحجز مكاناً ضمن الجيل الذهبى حيث ساهم فى تحقيق بطولة كأس الأمم الإفريقية عامى 2008، 2010، وشارك فى بطولة كأس القارات عام 2009، هذا بالإضافة إلى الإنجاز الأهم على الإطلاق وهو التواجد فى قائمة المنتخب الوطنى المشاركة فى كأس العالم روسيا 2018.

بل إن ما يميز المحمدى هو إجادته للعب فى مركز الظهير الأيسر أيضاً، ومن منا ينسى عندما أصيب محمد عبد الشافى فى بطولة كأس أمم أفريقيا بالجابون عام 2017، حيث شارك بديله كريم حافظ وقتها إلا أن نقص خبرته لم يسعفه ليجد هيكتور كوبر نفسه أمام مأزق كبير ليقرر إشراك المحمدى فى هذا المركز ليتألق بشكل كبير ويسد عجز هذه الجهة.

 

حمادة طلبة

فى عام 2015 قرر جوسفالدو فيريرا مدرب الزمالك الأسبق تغيير مركز حمادة طلبة من مدافع إلى ظهير أيسر قراراً كان صادما لجماهير الفريق الأبيض وقتها، بل إن مشجعى الكرة والمحللين اتهموا البرتغالى بالجنون خاصة أن طلبه قدراته الفنية لاتؤهله للعب هذا الدور الذى يتطلب الكثير من الأمور، إلا أن فيريرا كان يرى وقتها ما لم يكن يراه الجميع.

وبالفعل بداية طلبة كانت مقلقة بعض الشىء إلا أن بعدها تغيرت الأمور بشكل كبير للغاية، حيث استطاع أن يتألق بشدة ويؤدى كل ما هو مطلوب منه وأكثر، بل لك أن تتخيل أن غياب طلبة عن الجهة اليسرى وعدم تواجده فى أى مباراة هامة، لأى سبب من الأسباب مثل الإيقاف أو الإصابة أو غيرها من الأمور أصبح مصدر قلق كبير لجمهور الزمالك، خاصة أنه قدم مستوى جيدا للغاية ونجح فى أن يكون صمام أمان حقيقى فى هذه الجهة، ولما لا وهو يتميز بالروح القتالية التى يعشقها الجمهور دائماً، لتتحول كل الانتقادات الموجهة إلى البرتغالى فيريرا إلى إشادات كبيرة كونه نجح فى تقديم لاعب جيد للكرة المصرية.

نجاح طلبة لم يتوقف عند هذا الحد فقط وقتها بل إن أبواب المنتخب فتحت أذرعها له ليصبح لاعباً فى صفوف الفراعنة، فلا شك أننا لن ننسى لقطته الشهيرة فى مباراة نيجيريا بتصفيات كأس أمم إفريقيا فى الجابون، وذلك عندما قدم لقطة استثنائية واستطاع أن ينقذ كرة اللاعب النيجيرى فيكتور موزيس من على خط المرمى، لقطة ستظل عالقة فى الأذهان لسنوات طويلة خاصة أنها كانت السبب الرئيسى فى تأهل وعودة الفراعنة لبطولة أفريقيا بعد غياب ثلاث دورات متتالية، إلا أن تقدمه فى العمر حيث بلغ طلبة حالياً عامه الـ38 لم يساعده على الاستمرار بهذا التألق.

كريم نيدفيد

منذ شهور قليلة كان اسم كريم نيدفيد يتصدر قائمة اللاعبين الذى يتمنى أى مشجع أهلاوى رحيلهم عن القلعة الحمراء، خاصة أن علاقته بالجماهير كانت متوترة للغاية فهم يرونه لاعبا مستهترا حصل على الفرصة أكثر من مرة لكنه لم ينجح فى استغلاها ولم يقدم أى شىء يذكر، بل إن إصرار حسام البدرى على إشراكه باستمرار جعل الجمهور يطلق عليه "ابن البدرى المدلل" الذى لا يستحق أن يرتدى قميص النادى الأهلى.

لم يكن يدرى أحداً إطلاقاً أن كل هذه الأمور ستختلف كلياً فى يوم من الأيام، ولكن فى الحقيقة لك أن تتخيل أن 4 شهور فقط تقريباً كانت كافية لتغيير موقف نيدفيد من لاعب مقصر، عديم المسئولية، تطالب الجماهير برحيله إلى لاعب مجتهد، "جوكر"، غيابه سيؤثر على الفريق بشكل كبير، فبعد نهائى دورى أبطال إفريقيا الذى جمع بين الفريق الأحمر والترجى التونسي، قرر الجهاز الفنى للأهلى الاعتماد على نيدفيد كظهير أيسر نظراً لإصابة التونسى على معلول هذا بالإضافة إلى أزمة قلة اللاعبين والإصابات التى ضربت الفريق وقتها.

وببدو أن نيدفيد كان قد تعلم الدرس وقرر استغلال الفرصة جيداً هذه المرة، فلما لا وهو نجح فى تقديم كل ما لديه حيث تألق بشدة وظهر بشكل مختلف للغاية وكأن الأهلى قد تعاقد مع صفقة جديدة، هذا بالإضافة إلى أنه أظهر روحا قتالية عالية لم يعتد منه الجمهورعلى القيام بها أبداً.

ومع الوقت استطاع نيدفيد أن يكون الحل السحرى لسد معظم مراكز العجز بالأهلى خاصة فى مركز وسط الملعب أو الظهير الأيسر أو بالتأكيد فى مركزه الأساسى فى الجزء الأمامى، خاصة أن المدرب الأورجوايانى مارتن لاسارتى نجح فى تطوير اللاعب على المستوى الفنى بشكل كبير حتى أصبح واحداً من نجوم الفريق، بل إن علاقته توطدت كثيراً بالجماهير وأصبح غيابه عاملا مقلقا للجميع.


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر