ذكرى ميلاد بهية الفن.. كيف أثر حادث كوبرى عباس فى حياة محسنة توفيق؟

محسنة توفيق محسنة توفيق
 
زينب عبداللاه
يمر اليوم 81 عاما على ميلاد بهية الفن الفنانة الكبيرة محسنة توفيق التى ولدت فى مثل هذا اليوم الموافق 29 ديسمبر عام 1939، إحدى مبدعات الفن التى أصبحت رمزاً لمصر حين جسدت دور بهية الخياطة الصابرة الراضية فى فيلم "العصفور" ليوسف شاهين والتى تشقى لتوفير لقمة العيش، لكنها تثور فى نهاية الفيلم لترفض الهزيمة وتصرخ "هنحارب .. هنحارب" فيخرج وراءها الجميع ويفتحون شبابيك الأمل، والتى كتب عنها الشاعر أحمد فؤاد نجم وغنى لها الشيخ إمام "مصر يا أمة يا بهية".
 
محسنة توفيق التى أبدعت فى كل ما قدمت من أعمال وكان لديها المزيد والمزيد من الطاقات الفنية لكنها رحلت قبل أن تعبر عن كل ما تمتلكه من مواهب، هى ماما أنيسة فى ليالى الحلمية، وأسيا زوجة فرعون فى مسلسل محمد رسول الله، وصفية زغلول فى "أم كلثوم" ، وعائشة فى "الوسية"،  والسيدة المسنة الوحيدة فى فيلم " ديل السمكة" ، وأم يحيى فى " اسكندرية ليه"، وغيرها عشرات الأدوار التى تركت بصمتها فى وجدان الملايين.
 
عرفت محسنة توفيق طوال مشوارها بمواقفها الوطنية، التى قالت عنها فى أحد لقاءاتها كانت سببا فى استبعادها من المشركة فى العديد من الأعمال.
 
ويرجع هذا الحس والوعى الوطنى للفنانة الكبيرة الراحلة للعديد من الحوادث التى شهدتها فى طفولتها وأهمها حادثة كوبرى عباس ونضال الطلبة عام 1946، الذى شكل وجدان الطفلة محسنة المولودة لأسرة متوسطة مثقفة تتكون من ثلاث شقيقات، فشقيقتيها أبلة فضيلة توفيق الإذاعية الكبيرة وأشهر مذيعات الأطفال، والثانية يسرا توفيق وكانت مغنية بدار الأوبرا المصرية، ورغم أنها كانت وقت حاث كوبرى عباس طفلة لا يتعد عمرها 7 سنوات إلا أنها ظلت تسأل عن تفاصيل وأسباب الحادث طوال الوقت، وأثر فى شخصيتها طوال حياتها.
 
وعندما وصلت محسنة توفيق لسن 9 سنوات قادها القدر لطريق الفن، رغم أنها كانت تغنى وتحب الغناء، عندما اقترح عليها مدرس اللغة العربية التمثيل، وبالفعل أصبحت "دوبليرة" لبطلة عرض مسرحى أثناء دراستها بالمدرسة، وأذهلت الجميع بأدائها ما جعل المخرج يسند لها بطولة العمل.
 
بدأت نشاطها الفنى عام 1962 خلال دراستها بكلية الزراعة عندما قامت ببطولة مسرحية "مأساة جميلة"، التى اعتبرها من أحب الأعمال إلى قلبها، ثم توالى تألقها فى العديد من الأعمال المسرحية، ومنها: "منين أجيب ناس" و"حاملات القرابين" و"الدخان" و"إيرما" و"عفاريت مصر الجديدة"، كما بدأت مسيرتها السينمائية عام 1971 بفيلم "حادثة شرف" بدور "مسعدة" زوجة فرج الذى قام بدور الفنان شكرى سرحان.
 
كان للفنانة الكبيرة العديد من المواقف الوطنية، كما أنها ذهبت للمخيمات الفلسطينية "قررت أعيش وسط الناس، أكلمهم واسمعهم دائما وقدمت فى حياتى ما أحسست به"، بهذه الكلمات فسرت محسنة توفيق سر الصدق فى أدائها، هذا السر الذى جعل كبار المخرجين يستعينون بها فى العديد من الأعمال التى أصبحت علامات فى تاريخ السينما والفن.
 
شاركت محسنة توفيق المخرج العالمى الراحل يوسف شاهين عددا من أهم أفلامه: "إسكندرية ليه، العصفور، الوداع يا بونابرت، العصفور"، وتحدثت فى أحد لقاءاتها عن تجربتها مع يوسف شاهين، مشيرةً إلى أنها كانت حين تسأله "ماذا تريد أن أفعل فى الدور"، كان يرد: "أنا مقدرش أقول لمحسنة توفيق تعمل إيه"، مؤكدة أنه كان يحترم الفنانين ويقدرهم.
 
وعُرفت الفنانة الكبيرة بمواقفها السياسية منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقالت فى ندوة أقامها مهرجان أسوان على هامش تكريمها إنها "استبعدت من المشاركات فى أعمال بسبب مواقفها السياسية"، مضيفة: "طُلب منى تغيير مواقفي السياسية، لكننى لم أفعل، فقد كنت دائما أسأل نفسى عن سبب تظاهر العمال والطلبة منذ أن كنت صغيرة، وعرفت أنهم عانوا من الضغط والكبت وسوء المعيشة، وظلت حكايات كتلك تلازمنى فى حياتى ودائما أنظر إلى الظروف والأوضاع وأخذ بالأسباب".
 
وكان أقرب أدوارها لقلبها هو دور "هند" صديقة المناضلة جميلة بوحيرد في مسرحية "مأساة جميلة" عام 1962، وسافرت إلى الجزائر لأجل مقابلة الشخصية الحقيقية التي قدّمت دورها.
 
وأكدت أنها كانت تتمنى استكمال دور "صديقة" الذى قدمته الفنانة داليدا فى فيلم "اليوم السادس" عام 1986، وقالت: "اتقهرت لما شوفت الفيلم بسبب ضياع الدور منى، خاصةً أننى عملت بروفات بالفعل وابتديت أصور، وبعدها قرر يستعين بداليدا علشان لها شهرة عالمية، ولغى المشاهد اللي عملتها ، وبعد الفيلم ما اتعرض قلت ليوسف شاهين: أنا مش مسامحك".
 
كما تعاونت بهية الفن عملت مع كبار المخرجين فقدمت فيلم "البؤساء" مع المخرج عاطف سالم ، وفيلمى "قلب الليل" و"الزمار" مع المخرج عاطف الطيب، وكان آخر أعمالها السينمائية فيلم "ديل السمكة" مع المخرج سمير سيف، الذى جسدت فيه دور سيدة قعيدة مسنة تعيش بمفردها.
 
وخلال مشوارها الفنى شاركت فى عدد من أهم مسلسلات الدراما التليفزيونية، ومنها: "ليالى الحلمية، الشوارع الخلفية، الوسيه، أم كلثوم، المرسى والبحار"، ولا أحد ينسى دورها فى شخصية أنيسة أم على البدرى التى لم تلده فى ليالى الحلمية، وكان مسلسل "أهل إسكندرية" عام 2014، آخر عمل شاركت فيه محسنة توفيق عام 2014، كما شاركت فى عدد كبير من الأعمال الإذاعية.
 
ورحلت الفنانة الكبيرة المناضلة بهية الفن محسنة توفيق فى 6 مايو عام 2019.

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر