اليوم العالمي للرقص.. كيف استغلت السياسة أجساد الراقصات؟

 
حسن شرف
في التاسع والعشرين من كل إبريل يحتفل العالم بـ«اليوم العالمي للرقص» منذ العام 1982، ونحتفي نحن في العالم العربي معهم.
 
 
"إيه حكاية رقاصة رقاصة ما إحنا الاتنين زي بعض يا عبدالحميد، أنا وانت بنرقص يا عبدالحميد، كل واحد بيرقص بطريقته، أنا برقص بجسمي، وانت بترقص بلسانك"، بتلك الجملة استطاعت الفنانة نبيلة عبيد «الراقصة سونيا»، أن تجسد العلاقة بين الراقصات ورجال السياسة، في الفيلم الشهير «الراقصة والسياسي»، الذي لعب بطولته الفنان صلاح قابيل.
 
 
وغالبا- كان هذا هو السبب الذي جعل البعض، إذا أراد أن يربط بين الرقص والسياسة- الراقصات والسياسيين- دائما يقفز إلى ذهنه الفيلم الذي  كتبه الراحل إحسان عبدالقدوس، والذي جسد فيه العلاقة بين الراقصات ورجال السياسة.
 
وعندما تحولت القصة إلى فيلم عام 1990 جسدّت الفنانة نبيلة عبيد دور الراقصة "سونيا" واختصرت العلاقة بين الراقصة والسياسي، في جملتها الشهيرة السابق ذكرها.
 
 
 
يستعرض «عين» في هذا التقرير، والذي ننشره تزامنا مع الاحتفال بـ«اليوم العالمي للرقص» أشهر العلاقات التي تم التأريخ لها بين الراقصات والسياسيين، والتي اتضح من معالمها أن بعضها برغبة الراقصات، لتحقيق مكاسب شخصية، بينما كان الآخر رغما عنهن.


حكمت فهمي.. خطفت عقل وزير دعاية هتلر

في كتابه "السادات والجاسوس"، ذكر محمود صلاح أن شهرة حكمت فهمي تعدت حدود مصر إلى أوروبا، خاصة العاصمة النمساوية فيينا التي كانت تتزين جدران ملاهيها بصورة كبيرة للراقصة المصرية.
 
أثناء الحرب العالمية الثانية شاهد رينهارد هيدرنج رئيس المخابرات الألمانية فهمي وهي ترقص في النمسا، فدعاها للرقص في ألمانيا، ورقصت أمام هتلر ووزير دعايته جوبلز الذي أعطى تعليماته لرجال المخابرات الألمانية بتجنيدها لصالحهم، خاصة أنهم كانوا يعرفون حجم وتشعب علاقاتها مع كبار الضباط الإنجليز رغم كرهها لهم.
 
حكمت فهمي
 
 
ووافق جوبلز على ملف سري للغاية يحمل عنوان "عملية كوندور" هدفها زرع جاسوس ألماني في قلب القاهرة لمساعدة القائد الألماني روميل، وإمداده بالمعلومات عن الاستعدادات العسكرية البريطانية في معركته الحاسمة ضد جيوش الحلفاء في شمال إفريقيا.
 
اختارت المخابرات الألمانية لهذه العملية شخصاً ألمانيًا عاش في مصر يدعى حسين جعفر أو "إبلر"، الذي استطاع تجنيد الراقصة بعدما التقاها في فيينا، ثم عرض عليها الأمر في القاهرة داخل ملهى "الكيت كات" الشهير في تلك الأيام.
 
 

بديعة مصابني.. الوصول للسلطة من الرقص في «الأوبرا»

ولدت بديعة مصابني في سوريا عام 1892- حسب ويكيبديا، وبعد قصة اغتصابها في بلدها هاجرت مع والدتها وأختها إلى أمريكا الجنوبية، قبل أن تأتي إلى القاهرة عام 1919 تقريبا، وبعد شهرتها أسست كازينو الأوبرا عام 1929.
 
الكازينو كان بمثابة أكاديمية للفنون تخرج منها أكبر نجوم الفن في ذلك الوقت وكان من رواد الكازينو الأدباء والفنانين، يتخذون من الحديقة مكانا لندواتهم ولقاءاتهم وكان الأديب الراحل نجيب محفوظ يقيم ندوة أسبوعية فيه، وغنى فيه كبار المطربين في بداياتهم ورقصت عليه سامية جمال وتحية كاريوكا وحورية محمد.
 
بديعة مصابني
 
كازينو مصابني كان ملتقى سهرات كبار الدولة والسياسيين، مثل محمد طلعت حرب مؤسس بنك مصر، ومن ثم لعبت الراقصة الراحلة دوراً سياسياً خلف الكواليس.
 
وكان كازينو بديعة مقراً دائماً لسهرات جنود الاحتلال الإنجليزي، وكان الفدائيون المصريون يختبئون فيه لمراقبتهم، وعند خروج الجنود سكارى من الكازينو كانوا يصطادونهم واحداً تلو الآخر.
 

برلنتي عبدالحميد.. الراقصة التي أخلصت للمشير

تزوجت برلنتي عبدالحميد، ، التي ولدت في السيدة زينب بالقاهرة، من وزير الحربية المشير عبد الحكيم عامر، وأنجبا عمرو.

وظلت تعافر من أجل إثبات عدم انتحار زوجها، وتحاول التأكيد على أنه تم اغتياله، وعانت كثيراً لكى تثبت بأنه ليس سببا فى النكسة، ولاذكلك كتبت كتابا بعنوان (المشير وأنا) صدر عام 1993، كما أصدرت العام 2002 كتابا آخر بعنوان (الطريق إلى قدري.. إلى عامر) وتقول أنه أفضل توثيقا من كتابها الأول.

 

برلنتي عبدالحميد
 

إيفيت.. خدعت إبلر لصالح الوكالة اليهودية

لعبت إيفيت دوراً في كشف عملية كوندور التي كانت تتكون من إبلر وحكمت فهمي والسادات وغيرهم. وروى صلاح في كتابه أن الجاسوس الألماني تعرّف عليها في ملهى الميتروبوليتان بالقاهرة، وكان مكان السهر المفضّل لكثير من الضباط البريطانيين والمراسلين العسكريين.

 

 وروى أن إيفيت قالت لإبلر إنها فرنسية من مواليد بيروت وتعمل راقصة في القاهرة إلا أنها كانت جاسوسة لحساب الوكالة اليهودية في مصر، وكانت في كل مرة تنصرف فيها من عوامته تذهب لتكتب تقريراً للوكالة عما دار بينهما.
 
وكانت تعليمات المشرفين على الوكالة اليهودية لإيفيت هي الاستمرار في العلاقة معه والحصول على كل معلومة عنه، وهي المعلومات التي نقلتها في ما بعد إلى المخابرات البريطانية وساهمت في ضبط إبلر وأعضاء الخلية.
 
 

سامية جمال.. عشق هزاتها الملك فاروق

في كتابه "ليالي فاروق" ذكر مصطفى أمين أن أنطونيو بوللي مدير الشؤون الخاصة في القصر الملكي اصطحب الملك فاروق إلى أحد الكباريهات لرؤية سامية جمال وهي ترقص، إلا أنها لم تستطع انتزاع إعجابه بل كان يراها سمجة وثقيلة الدم.
 
وفي إحدى ليالي عام 1949 رأى فاروق سامية جالسة مع فريد الأطرش، إذ كانت تربطهما علاقة عاطفية، فأثار ذلك غيرته وقرر انتزاع الراقصة منه.
 
سامية جمال
 
وذهب رسول إليها يبلغها أن الملك معجب بها، وذهبت سامية ورقصت أمام فاروق الذي قال لها إنه نسي في اهتزازات جسمها أعباء الدولة ومشاغل الحكم. 
بعد انتهاء الحفل انصرف أعضاء الفرقة، بينما بقيت هي وقضت الليلة مع الملك في ركن فاروق بحلوان جنوب القاهرة، ومن وقتها أصبحت سامية هي "راقصة القصر"، وباتت الاستدعاءات الملكية لها أمرا طبيعيا، وإن ظلت في نفس الوقت على علاقتها بفريد الأطرش، حتى زادت المشكلات وانفصلا.
 

نجوى فؤاد.. الرقص أمام هينري كيسنجر

رقصت نجوى فؤاد أمام وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر خلال زياراته المتعددة لمصر في السبعينيات حين لعب دوراً سياسياً كبيراً في المنطقة بعد حرب أكتوبر عام 1973، ومنذ أن شاهدها هنري ترقص في حفل خاص أقامه له الرئيس محمد أنور السادات في مصر، أعجب بها بشدة.
 
وكان للعلاقة بين نجوى وكسينجر مفعول السحر على المستوى السياسي، ومن شدة تعلق هنري بها ذكرها في الجزء الثاني من مذكراته، ووصف لقاءاته معها بأنها من أجمل الذكريات التي يستدعيها دائما إلى مخيلته كلما حاصرته هموم السياسة ومشاكلها.
 
نجوى فؤاد
 
وقال كسينجر في المذكرات التي كتبها: "كنت أحرص دائمًا فى كل مرة أزور فيها القاهرة على التأكد من وجود الراقصة المصرية نجوى فؤاد، وكانت تبهرنى، بل أعتبرها من أهم الأشياء الجميلة التى رأيتها فى الوطن العربى أن لم تكن الشىء الوحيد".
 
تظل تفاصيل العلاقات بين الراقصات والسيايين، خاصة تلك التي ذكرناها، ملك لأصحابها، وسردنا هنا الذي كان استدعاءً لمذكرات البعض، أو روايات أحدهم، لكشف ملامح هذه العلاقات، والتي بالطبع تختلف الظروف الحالية عن تلك التي عاشوها قديما، ليس إلا عرضا لما تم التأريخ له، في اليوم العالمي للرقص.
 
 
 
 

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر