أحمد إسماعيل يكتب: حليم.. غنوة نصر وأنشودة بناء

عبد الحليم حافظ عبد الحليم حافظ
 

 التاريخ لا يصنعه سوى العظماء، ولا يكتب سطوره إلا العباقرة.. وعبد الحليم حافظ.. فنان عرف كيف يكتب صفحات "زاهرة" من تاريخ الغناء المصرى والعربى، تظل شاهدة على عبقرية وعظمة هذ الريفى البسيط القادم من قرية "الحلوات" شرقية، ليلمع اسمه فى سماء القاهرة والمنطقة العربية بأسرها، ويسطع نجمه بين أساطين وأساطير الفن العربى، ويسير أغنية على مر الزمان تروى، وتُسمع.

لم يكن "حليم" مجرد اسم مطرب عابر، مثل غيره من الذين مروا فى دنيا الفن، ولم يتركوا أثرًا، وإنما كان صوت أمة، ولحن وطن، عبر عن مرحلة من أزهى عصور الأمة العربية، وفترة من أروع فترات المجد المصرى، كان "العندليب" فيها هو المعبر عن الناس، يغنى آلامهم ويشدو بآمالهم، عاش معهم كل أحلامهم، وكان مطرب الشباب والكبار، وكل الطبقات.

وجد الحالمون فى صوته الدافئ الحنون واحة حبهم، وتذوقوا من خلال ألحانه العاطفة العذبة الندية النقية،وعاشوا مع أفلامه أجمل قصص الحب والغرام البعيدة عن كل دنس، فكان رمزا للحب والمحبة، وجد المحبون فى أغنياته كل أطياف الحب، وسافروا معه إلى كل جزر العشق، التى لم ترها عين، ولم تخطر فى بال.

وكما كان علامة واضحة فى الأغنية العاطفية، كان مرادفا للمجد والبناء وحب الوطن،كان للفداء والنصر والثورة عنوان، فى كل ملحمة وطنية، وكل معركة بناء وتحدى كانت مشاركاته، فهو صوت السد الهادر، الذى التحم بسواعد المصريين يحسهم على بناء السد العالى وتحويل مجرى النيل، داعيًا كل أبناء الوطن للانضمام إلى صفوف العاملين لرفع راية مصرهم عالية خفاقة، طالبًا منهم أن يكونوا كلهم فى الصورة، وألا يتخلفوا عنها.

باختصار كان" حليم" صوت شعب قام وثار، عرف طريق الانتصار،عرف هذا الريفى البسيط كيف يكسب حب الجمهور، عشقه الناس لأنه كان منهم، عاش معهم، تغنى بكل ما حلموا به،كانت أول أغنية وطنية للعندليب عبد الحليم حافظ في نفس العام الذي قامت فيه ثورة 23 يوليو، بعنوان «العهد الجديد»، إنتاج سنة 1952، وهو أول نشيد وطنى غناه فى حياته من كلمات محمود عبدالحى، وألحان عبدالحميد توفيق زكى.

وكانت الأغنية الثانية «إحنا الشعب»، وهى أول أغنية يغنيها للرئيس جمال عبدالناصر، بعد اختياره شعبيًا لأن يكون رئيساً للجمهورية سنة 1956، وتعد أول لقاء فني بين الثلاثي عبدالحليم والملحن كمال الطويل، والشاعر صلاح جاهين، ثم أغنية «الله يا بلدنا الله على جيشك والشعب معاه»، ألحان محمد عبد الوهاب، سنة 1956 وتغنى بها عبدالحليم بعد العدوان الثلاثى.

كما تغنى بأغنية «المسيح»، والتي تتغنى بالقدس من كلمات عبدالرحمن الأبنودي، وألحان بليغ حمدي، وتوزيع على إسماعيل، ثم «ابنك يقولك يا بطل»، من كلمات عبدالرحمن الأبنودى، وألحان كمال الطويل، و«نشيد الوطن الأكبر»، سنة 1960، من كلمات أحمد شفيق كامل، وألحان محمد عبدالوهاب.

وتغنى بـ«حكاية شعب» عام 1960، من كلمات أحمد شفيق كامل، وألحان كمال الطويل، وذلك في حفل أضواء المدينة، الذي أقيم بمدينة أسوان للاحتفال بوضع حجر الأساس ببناء السد العالي، ثم «الجزائر» غناها سنة 1962 ليحيي فيها كفاح أهل الجزائر الذين نالوا استقلالهم فى نفس العام، و«مطالب شعب» بمناسبة العيد العاشر لثورة 23 يوليو، من كلمات أحمد شفيق كامل، وألحان كمال الطويل، وتوزيع على إسماعيل.

ومن الأغانى الوطنية التى غناها العندليب «صورة»، فى عيد الثورة فى 23 يوليو 1966، من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل، و«عدى النهار» سنة 1967 وهي من أبرز أغانى عبد الحليم، من كلمات عبد الرحمن الأبنودى وألحان كمال الطويل، و«أحلف بسماها» سنة 1967 والتى وعد عبد الحليم أن يغنيها فى كل حفلاته إلى أن تتحرر أرض مصر فى سيناء، من كلمات عبد الرحمن الأبنودى وألحان كمال الطويل.

وتضم القائمة «البندقية اتكلمت»، سنة 1968، من كلمات محسن الخياط، وألحان كمال الطويل، و«عاش اللي قال»، وأول أغنية غناها عبدالحليم بعد نصر أكتوبر 1973، من كلمات محمد حمزة، وألحان بليغ حمدى، وكانت أول أغنية أشاد فيها بدور الرئيس محمد أنور السادات في انتصار مصر العظيم.

وكان آخر عمل بين عبدالحليم وكمال الطويل هو أغنية «صباح الخير يا سينا» سنة 1974، و«النجمة مالت على القمر»، عام 1975، من كلمات محسن الخياط وألحان محمد الموجى، و«المركبة عدت»، من كلمات مصطفى الضمرانى، وألحان محمد عبدالوهاب بعد إعادة افتتاح قناة السويس للملاحة العالمية.

هذا هو العندليب" عبد الحليم حافظ" الذى وافته المنية خلال رحلة علاجه إلى لندن فى 30 مارس 1977 فى مستشفى كينجز كوليدج. وهذا سر عظمته وخلوده وحضوره الدائم رغم غياب جسده عنا منذ 41 عامًا.


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر